الأرصفة المتسخة والذباب الذي يحلق فوق الرؤوس يلخص الحالة المزرية التي عليها السياحة التونسية في أحد اهم معاقلها وهي مدينة الحمامات. اما عن الأجواء داخل النزل فتلك حكاية أخرى... تونس الحمامات.. هل تعلم ان اغلب النزل التونسية لا يستغلها أصحابها الأصليين بل يتم كراؤها لفترات متفاوتة لشركات عالمية لتنظيم الرحلات تقوم بتغيير اسم النزل بما يتماشى والعلامة التجارية التي تستغلها هذه الوكالات. والغريب ان هذه الوكالات تبيع للحرفاء الاقامات بعلامتها التجارية دون ان تقوم بتغيير اليافطة في مداخل هذه النزل. وعند قدوم الحريف الى النزل الذي حجز فيه اقامته عليه ان يضيع ساعة او ساعتين وهو يلهث بحثا عن الفندق. فلا سواق سيارات الأجرة ولا أعوان الامن قادرون على مساعدتك والسبب ان النزل المذكور حافظ على تسميته الأولى دون ان تكلف وكالة الاسفار التي اكترته نفسها تغيير اليافطة بالتسمية الجديدة التي باعت بها للحرفاء اقاماتهم. هذا على الأقل ما عشته شخصيا عند حلولي وعائلتي لقضاء عطلة عيد الأضحى بمدينة الحمامات. اضعنا أكثر من ساعتين في البحث عن نزل لا وجود له الا في قاعدة بيانات وكالة الاسفار التي حجزنا من خلالها اقامتنا لنتبين في النهاية بان النزل يحمل اسما مغايرا للذي تروج له وكالة الاسفار المذكورة على موقعها على الانترنات. مدينة الاوساخ... لم يعد المدخل الجنوبي لمدينة الحمامات يليق بمعقل من معاقل السياحة التونسية فالمشهد عن بعد يثير فيك الريبة والتوجس. تستقبلك عربات الامن ورشاشات الاعوان والحواجز لترفع من سقف الخوف لديك فكأنك بصدد الولوج الى مدينة مخيفة ومرعبة و الحال انك قادم لقضاء عطلة بما تعني هذه الكلمة من فسحة للعقل و الوجدان و الجسد. وتعرّج بعربتك يمينا باتجاه منتجع ياسمين الحمامات لتصطدم بحاويات الفضلات وقد امتلأت لذلك الحد الذي بات على القطط والكلاب رفع عنقها فقط لالتقاط ما طاب لها من بقايا السندويتشات. ومتى توقفت عند إشارة مرور فاستعد لهجوم ساحق تشنه اسراب الذباب المتنقلة من رصيف الى رصيف. و بعد رحلة عناء بسبب غياب الإشارات و العلامات تجد في النهاية النزل الذي حجزت فيه اقامتك. أقيم هذا النزل على شكل معماري تونسي خالص بمسحة معاصرة فجاءت أسقف الغرف في شكل قباب ما يسمح بالاقتصاد في الطاقة في مستوى التدفئة او التكييف. الا ان هذا النزل و رغم طرافته و ظرافته لم يخضع على مانظن الى اعمال صيانة و هو ما تعكسه الحالة التي عليها الأبواب و النوافذ على ان حسن الاستقبال و حماس العاملين فيه قد ينسيك هذه السلبيات. الحد الأدنى... ان كان من تقييم للخدمات داخل النزل فان غالبية الفنادق تكتفي عادة بالحد الأدنى سواء في مستوى الاكل او التنشيط. و يعود هذا الضعف و رداءة الخدمات الى التعويل على نفس المنظومة ف»الإدارة الفندقية في تونس ما تزال في غالبيتها تقليدية وهو ما يفترض الحرص على تطويع التقنيات الاتصالية الحديثة في هذا المجال حتى نتمكن من التقدم خطوات ملموسة وعملية في الاستقبال وحسن الوفادة والقبول، مع أهمية أن يلتحق نظامنا الفندقي القائم حاليا على القبول الفردي بما يجري في العالم وهو القبول بحساب الغرف وليس الأفراد اذ أن هذه النقطة هامة جدا لأنها أحد أبواب تعصير وتطوير القطاع السياحي بصفة عامة إلى جانب أنها تشجع السياحة الداخلية». إضافة الى ان العديد من النزل تعول على يد عاملة موسمية غير مؤهلة و هو ما يحيلنا الى مشكل التكوين الفندقي في تونس و الذي لم يشهد بدوره إصلاحات في مناهجه بما يتماشى و تطور الصناعة السياحية في العالم. و لا ادل على ذلك ما صرح به السفير الألماني بتونس في سنة 2018 الذي كشف خلال مؤتمر حول السياحة الصحراوية ان السياح الالمان هجروا تونس بسبب ضعف و رداءة الخدمات. وأضاف اندرياس رينيكي « حتى أكون صادقا معكم، حين اتحدث مع سياح المان يقولون لي انهم لا يريدون فقط نزلا فخما بل وكذلك خدمات جيدة. بل و منهم من قال لي ان الشوارع مليئة بالفضلات و الاوساخ لذلك لن نأتي في المستقبل الى تونس». بعض الأمل في الاثناء كشف وزير السياحة و البنك المركزي التونسي عن بعض الأرقام في علاقة بقطاع السياحة خلال السداسي الأول من سنة 2019. الى ذلك تطورت مداخيل السياحة الى حدود 10 جويلية 2019 بنسبة 45 بالمائة لتبلغ 2.2 مليار دينار مقابل 1.5 مليار دينار سنة 2018. كما سجلت تونس رقما اخر مهما يتعلق بعدد السياح الذين بلغ عددهم الى حدود نفس التاريخ 3.774 مليون وافد أي بارتفاع بلغ 16.7 بالمائة مقارنة بأرقام سنة 2018. و كان وزير السياحة، روني الطرابلسي، توقع أن يتجاوز حجم العائدات المالية المتأتية من القطاع السياحي حدود أربعة مليارات دينار مع نهاية السنة الحالية مؤكدا على ان عدد السياح الذين سيزورون تونس سيكون في حدود تسعة ملايين سائح مقابل نحو ثمانية ملايين سائح خلال الموسم السياحي الماضي. و بشر الوزير بعودة السياح الأوروبيين الى تونس بما في ذلك الالمان و الفرنسيين والبريطانيين والايطاليين مع انفتاح للسياحية التونسية على أسواق جديدة كالصين وروسيا والهند والولايات المتحدة وكندا و استراليا.