حتى لا تكون الديمقراطية أهزوجة... ولا تكون حرية التعبير شعارا... فإن دولة القانون هي أساس كل نظام ديمقراطي. في تونس، وطوال تسع سنوات تقريبا، ما فتئت مفاهيم مثل «الثورة» و«الديمقراطية» و«التعددية الحزبية»، ما فتئت تمثّل عماد الخطاب السياسي للحاكم... وكذلك مثلت ولا تزال شعار المطالب والاحتجاجات من قبل المواطن. نحن اليوم في أوج المرحلة الانتخابية الثانية، التي ستفرز دورة رئاسية ونيابية ثانية، وتالية لانتخابات 2014. في هذه المرحلة تكثر الشعارات وقد تفاقمت فعلا، من تلك التي تتغنّى بالديمقراطية وبالانتخابات الشفّافة، ولكن هذه المظاهر لا تكفي. إن الحملات الانتخابية التي تنطلق من الرئاسية (يوم 15 سبتمبر 2019) والتشريعية (يوم 6 أكتوبر 2019)، لا بدّ وأن تحمل تغييرات في طريقة تناول هذه المواضيع، إذ الشعارات المرتكزة على الوعود لم تعد تنطلي على الشعب، لما يراه ويلمسه من ضَنَك العيش وانسداد الأفق... لم يَعد مثل هذا الخطاب مقبولا آليا، كما كان من قبل. التغيير المطلوب في الخطاب السياسي وفي مستوى الوعود التي يمكن أن يبلورها المترشحون للشعب التونسي، يرتكز أولا وأساسا علي استيعاب هنات المرحلة الفائتة، والقصد هنا الكشف عمّا قامت به الحكومات ما بعد 2014 حتى تتسنّى المحاسبة. ثانيا يرتكز التغيير في الخطاب، على تقديم برنامج يحمل أهدافا... ومواعيد لتحقيق تلك الأهداف حتى تكون المحاسبة في الموعد. الناخب التونسي اليوم، وهو يسجل نفسه طوعا بتلك الأعداد ووفقا للرقم الذي صرّحت به الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نجده عازما أكثر من أي وقت مضى على مسك زمام الأمور بنفسه، لأن ما وصلت إليه البلاد بلغ حدّه... وحده القانون قادر على حلّ كل المعضلات...