تعيش تونس منذ ثماني سنوات « ربيعا » من الديمقراطية لم يتوفر لأي بلد عربي وخلال الثماني سنوات خاض التونسيون ثلاثة إستحقاقات أنتخابية تشريعية وبلدية وانتخابات رئاسية وسيخوضون إستحقاقا رئاسيا جديدا لإنتخاب رئيس جديد للبلاد ورغم هذا المناخ من الديمقراطية ومن الحرية والتعددية السياسية مازالت مطالب التونسيين في التنمية والكرامة والخدمات الأساسية والإصلاحات في مجالات الحياة اليومية من نقل وصحة وبنية أساسية معلقة بل أزداد الأمر سوءا والفساد انتشارا إلى حد أصبحت فيه تونس من أكثر بلدان العالم فسادا وشهدت الإدارة التونسية خلال الثماني سنوات التي مضت أنهيارا غير مسبوق بعد ا ن تم إغراقها بالمتمتعين بالعفو التشريعي العام ومجموعات الولاء الحزبي وخاصة أنصار حركة النهضة والولاء النقابي. من حق التونسيين أن يعتزوا بالتجربة الديمقراطية التي يعيشونها منذ ثماني سنوات لكن ماذا عن البنية الأساسية التي أزدادت سوءا؟ ماذا عن خدمات الصحة العمومية والنقل ؟ماذا عن أنهيار منظومة التعليم؟ ماذا عن أنهيار الدينار التونسي؟ ماذا عن غياب الأمن؟ ماذا عن مئات القضايا المعلقة في أروقة المحاكم؟ ماذا عن جرائم التسفير والأغتيالات السياسية والجهاز السري؟! إن الديمقراطية في غياب نظام قوي وحكومة جادة في مقاومة الفساد وتطبيق القانون ومنح المواطن التونسي الإحساس بالأمن والأمان ليست أكثر من شعارات ملها الشارع التونسي ولم يعد يثق فيها ولا في من يرددها وهو ما يفسر ضعف الإقبال على إلانتخابات البلدية الجزئية الذي يترجم يأس التونسيين من الطبقة السياسية وكفرهم بشعارات الديمقراطية فهناك أنظمة ديكتاتورية حققت الرفاهية والتنمية والتقدم كما أن هناك أنظمة ديمقراطية قادت بلدانا إلى التخلف والحروب الأهلية والعودة إلى الكهوف وما يعيشه العراق منذ أن تحول إلى «جنة الديمقراطية» في العالم العربي والشرق الأوسط أكبر دليل على ما يمكن أن تفعله «الديمقراطية» ببعض الشعوب! فأن تكون تونس تنعم بالأستقرار في ظل نظام ديمقراطي فهذا من بين المكاسب التي يعتز بها التونسيون لكن إذا أستمر الوضع الأقتصادي والأجتماعي على ماهو عليه وإذا أستمر وهن أجهزة الدولة والإفلات من العقاب وتغوّل بعض الأحزاب و المنظمات والمحاصصة في تشغيل الشبان وفي منح الصفقات العمومية فإننا سنسقط في الهاوية التي لا قرار لها. فالديمقراطية لا تطعم الفقراء!