في غمرة الاستعداد للانتخابات، عادة ما تسود المخاوف من أن تُهمل الطبقة السياسية، سلطة ومعارضة، الاعتناء بالشأن العام وما يهم مصلحة الدولة والمواطن لتنشغل بمصالحها السياسية والحزبية وبما يخدم حملاتها الانتخابية. عكس انتخابات 2011 و 2014، عندما التزمت الحكومتان القائمتان آنذاك بعدم المشاركة في السباق الانتخابي، فُسح المجال في انتخابات 2019 لمشاركة الحكومة، فترشح رئيسها للرئاسية وظهر أعضاؤها في قلب التحضير للتشريعية شأنهم شأن بعض مكونات مؤسسة رئاسة الجمهورية وأيضا أغلب مكونات مجلس نواب الشعب إلى جانب مكونات المعارضة. هذه المشاركة المكثفة للسلطة في الاستحقاق الانتخابي خلفت وراءها تساؤلات ومخاوف لدى المراقبين ولدى المواطن من أن تؤثر سلبا على السير العادي للدولة وعلى الاهتمام بالمصلحة العامة وبمصلحة المواطن خلال ما بقي من العهدة النيابية الحالية وإلى حين تسلم السلطات الجديدة المنتخبة مهامها. هذه المخاوف تنقسم في الواقع إلى صنفين: الاولى هي مخاوف من أن تنشغل الأطراف الحاكمة بالاستعداد للانتخابات على حساب التسيير الطبيعي للدولة وان تحاول استغلال امكانات الدولة فتتضرر من ذلك مصلحة المواطن. والثانية مخاوف من ان يحاول منافسو الأطراف الحاكمة في هذه الانتخابات، وبعضهم موجودون اليوم داخل مفاصل الدولة، تعطيل وعرقلة عمل السلطة وتشويه صورتها من خلال تعطيل وعرقلة السير العادي لدواليب الدولة و للمرافق العمومية او محاولة بث البلبلة والارتباك بين الناس. فما يحصل في الأيام الأخيرة في عديد جهات البلاد من تعطيل لبعض مصالح المواطنين ومن اهمال العناية ببعض المرافق العمومية وتفاقم ظاهرة التعطيلات الإدارية والاكتظاظ وبعض الحوادث المختلفة يدفع الى التخوف من ان يكون كل ذلك بسبب المعركة الانتخابية الدائرة اليوم بين اكثر من طرف. ويخشى المواطن من أن تتفاقم هذه المظاهر نحو الاسوإخلال ما بقي من العهدة النيابية الحالية كما يخشى المراقبون من يؤثر ذلك سلبا على مصالح الدولة الاقتصادية والتنموية وعلى مصالحها مع الخارج. ان الاستحقاق الانتخابي هو بمثابة « العرس الوطني» الذي عادة ما يكون فترة انتقالية تمثل فرصة لفتح أبواب الامل امام الناس في مستقبل أفضل وفي ظروف معيشية أحسن بعد انتخاب سلطة جديدة وبالتالي لا يجب تحويلها الى كابوس مخيف جراء الصراع الانتخابي. وعلى الطبقة السياسية بمختلف مكوناتها ان تكون اكثر وعيا وأكثر تحملا للمسؤولية وان تتنافس في ما بينها فقط بالبرامج وبالأفكار وليس عبر خدمة المصالح السياسية الضيقة واهمال مصلحة المواطن والدولة.