تنطلق اليوم الاثنين الحملة الانتخابية الرئاسية ليتنافس 26 مرشحا على أعلى صفة في البلاد وكل له وسائلة في استمالة رأي الناخب وسط منافسة استشراف نتائجها الذي يعد ضربا من النبوءة التي ولى زمانها.. بداية من اليوم يتوزع الطارحون لأنفسهم والواضعون لتاريخهم وبرامجهم على محك الصندوق في الولايات والجهات وكل يحرص على الفوز بكرسي الرئاسة، ومن أجل هذا الكرسي توضع اليوم الأساليب الدعائية والبرامج الانتخابية التي يحرص المرشحون على أن تصل لأكبر عدد من الناخبين وتقنعهم للفوز بأصواتهم الثمينة التي ستشتت لا محالة بين 26 مرشحا تحسبهم جميعا يذودون عن الوطن وقلوبهم شتى معلقة بالصندوق.. مفاتيح الصندوق تصنع بداية من اليوم، والناخب مشتت بين مرشحين يتشابه بعضهم ببعض، ويستنسخ بعضهم برنامجه من البعض، ويحرص بعضهم على وضع الفارق عن الآخر يمينا ويسارا ووسطا وكل «يوفي كيله» في طريقه إلى قرطاج.. اليوم يتسابق المرشحون على الأسواق والمنابر، وتحضر الخطابة لتملأ أرجاء البلاد، ويستلهم الطارحون لأنفسهم أرقى المفردات وأكثرها تأثيرا في النفوس الضعيفة ..اليوم يستنجد مرشحونا بقواميس الأخلاق والطيبة والنبل والوطنية ومحبة الآخرين وببيع الغالي والنفيس لفائدة وطن جريح وناخب قد يجد نفسه غدا على الرصيف يعض إصبعا ويبكي صوتا استهان به .. اليوم، يتم استغلال «جهل» الناخب وضعف مقدرته الشرائية وضميره الغائب أصلا ..اليوم تنتشر أسواق النخاسة السياسية وقد تفتح خزائن المال السياسي الفاسد وتغيب الأخلاق وتهتك الأعراض في الزوايا وعلى قارعة الطريق وينشر الغسيل نظيفا أو وسخا على حبال حملات الإغراء والتدمير .. اليوم، وربما أكثر من أي وقت مضى يطل الإنتهازيون برؤوسهم للمتاجرة بصوت مواطن غبي باع وطنه لمرشح أكثر غباء ..اليوم تشتعل صفحات «الفايسبوك» لتشوه النظيف وتغسل الوسخ وهي التي انطلقت منذ مدة في تقزيم هذا والرفع من ذاك بأسلوب رخيص لا يبني الوطن الغالي. يومنا هذا لا نريده هكذا، نريده عرسا للديمقراطية والنزاهة والشفافية، نريده موعدا نتباهى به مع أنفسنا ومع غيرنا ..نريده فخرا وشرفا وحجرا جديدا يرفع وطنا عزيزا وهذا لا يكون إلا بالتزام إدارتنا ومساجدنا ووسائل إعلامنا بالحياد والتزام مرشحينا وناخبينا بالصدق مع ضمائرهم ومع الوطن. نريدها منافسة على البرامج وفرصة للرفع من الخطاب السياسي شكلا ومضمونا، نريد برامج واقعية تستحضر حقيقة الحال وتحرص على تغيرها إلى أحسن حال.. برامج تقطع مع الوعود الزائفة وتستشرف غدا أفضل لتونس العزيزة.. اليوم نريد ناخبا يؤمن بصوته الثمين يرفعه عاليا لاختيار رئيس بوصلته تتجه نحو الرقي بالوطن وإعلاء رايته في المحافل الدولية والدفاع عن استقراره واستقلاله وحماية دستوره ..رئيس يجمع كل التونسيين تحت راية الوطن.