إن ما تحقق من تطور وتقدم اقتصادي واجتماعي في فترة وجيزة في بعض البلدان في العالم يجعلنا نتأمل ونفكر في واقعنا المتردي والمتوارث عن حكومات متعاقبة شعارها الفشل. حيث لم تفلح كلها في الإقلاع والنجاح وكان نتيجة الفشل أجيال محبطة تعيسة لا أمل لها. كوريا الجنوبية مثال للنجاح كان الوضع في كوريا الجنوبية لا يمكن تصوره من دمار شامل ناتج عن الاستعمار الياباني وكذلك الحرب بسبب تقسيم شبه الجزيرة الكورية الا ان العزيمة وإرادة النهوض لدى الشعب الكوري كانتا أقوى من كل الظروف الصعبة التي يعانيها بلدهم. وبعد ربع قرن نجحوا في ما هو مستحيلأي تنمية في جميع الميادين وأصبحت بلدا مصنعا في اعلى مستوى عيش للسكان في العالم وصارت كوريا معجزة اقتصادية. ما هي العقبات التي تعترض أي مسيرة تنموية؟ تعترض المسيرة التنموية في اغلب بلدان العالم الثالث عديد العقبات منها: صعوبة تعافي الاقتصاد بسبب التضخم المالي. ضعف أداء المصانع الصغرى والمتوسطة. ارتفاع الاحتجاجات والمطلبية الاجتماعية على حساب الإنتاجية. ركود وغياب الصناعات الثقيلة. انخرام ميزانية الحكومة. تفاقم عجز الميزان التجاري. كيف يمكن الخروج من الأزمة؟ لتخرج الدول من الازمات الاقتصادية يجب على أصحاب القرار اتخاذ التدابير التالية: دعم وهيكلة الاستثمار الخاص والتوجه نحو الاختصاصات المربحة والحد من التنويع المفرط للإنتاج. الشفافية. تقليص الديون. إعادة تنظيم النظام البنكي. خوصصة المؤسسات العمومية الخاسرة. دعم القدرة التنافسية للمؤسسات التي لها رأس مال مهم كصناعات الحديد والانشاء البحري والسيارات والإلكترونيك والمواصلات... دعم الاستهلاك الداخلي. تنويع التبادل التجاري بالتوجه نحو الاسواق الواعدة مثل الصين. ما هي العوامل المفسرة لنجاح بعض الدول؟ لقد نجحت بعض الدول بقوة العزيمة وروح المبادرة والتعاون والبذل والعطاء فالكل يفكر في نجاح وطنه. فقد قامت كوريا الجنوبية مثلا: بالاهتمام بالسوق الداخلية فنجحت في تركيز اقتصاد وطني متكامل. كما قامت بالترفيع في الأجور. وعملت على تحسين الخدمات الاجتماعيّة كالتّأطير الصّحي والتّأمين على الشّيخوخة. وقامت بتحسين المقدرة الشّرائيّة ليزداد الاقبال على اقتناء مواد الاستهلاك العاديّة والمصّنعة بالدّاخل، وكذلك دعم التّصدير. كما تم التركيز على تكنولوجيا الاعلام والاتصال الجديدة كأحد القطاعات المهمة لنمو الاقتصاد وتطوره. المحاور العشرة لنجاح الاقتصاد نلخص هاته المحاور التي ذكرها بكتاب صعود الأمم وسقوطها عالم الاقتصاد الهندي (روشير شارما) على النحو التالي: الانسان هو محور نجاح او فشل أي مسيرة اقتصادية. فالنمو السكني يشكل عاملا مهما في نمو الاقتصاد. الإصلاح السياسي. التوافق بين القطاعين العام والخاص أي الجمع بين مسؤولية الدولة والمبادرة الخاصة. الموقع الجغرافي للبلد المعني بالأمر محوري، وله تأثيره الجوهري، إيجاباً وسلباً على أوضاع وتطورات الاقتصاد. ان الضرورة تقضي بالحد من تدّخل الحكومات (الجهاز البيروقراطي) في مسيرة الاقتصاد، باعتبار أن تداخل وتدّخل الدولة في الاقتصاد، يمكن أن يفضي إلى عواقب سلبية في هذا المجال. أهم وأنجح أنشطة الاستثمار، هو ذلك الذي يتم، كما يؤكد مؤلف الكتاب بحكم خبرته الطويلة في مجال الصناعات التحويلية. من العوامل الإيجابية التي تساعد على دعم واستمرار النمو الاقتصادي، ما يتمثل في العمل بكل جهد على الحد من آفة التضخم. ثم يصدق الأمر نفسه على سعر صرف العملة الوطنية المتداولة: كلما كان هذا السعر منخفضاً، وكلما كان مستقراً بغير تذبذب، فذلك يشكل عاملاً إيجابياً في تحقيق واطراد النمو الاقتصادي. حذار من استمرار الاقتراض، أو اعتباره حلاً سحرياً ناجعاً لمعالجة المشكلات الاقتصادية: وفي هذا الجانب، يذهب المؤلف محذراً، من واقع خبرته المالية أيضاً، من عواقب المديونية. ويحذّر الكتاب من المبالغة في إضفاء الإيجابية أو الإفراط في الثناء على هذا النظام الاقتصادي أو ذاك، فالكل لديه مشكلات، والكل يصادف معاناة، وإن اختلفت الأشكال والأساليب والتجليات بمعنى أن المطلوب هو الانطلاق من ضفاف الموضوعية والواقعية في آن معاً. وأخيرا ان البشر هم اهم مورد للاقتصاد في أي بلد وبالتالي فإن تكوين المواطن ومنحه حقوقه والسعي الى توفير الصحة والتعليم والعيش الكريم سوف يساهم في تطوير الاقتصاد.