تونس الشروق: أكدت التقديرات الاولية بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية أمس تهاوي العائلة الوسطية الديمقراطية التقدمية وسقوطها نتيجة العديد من العوامل التي تنحصر في نرجسيتها المفرطة وبروز التيار المضاد للسلطة المعروف بال''antisystheme'' وكشفت التقديرات الاولية التي نشرتها سيغما كونساي ليلة امس والتي قالت انها تحمل هامش خطإ ضئيل جدا تموقع مرشحي ما سمي بالعائلة الوسطية في مراتب دون المأمول من الانتظارات التي علقت عليهم. حيث حل عبد الكريم الزبيدي في المركز الرابع ب9.5 بالمائة من الاصوات ويليه يوسف الشاهد ب7.5 بالمائة من الاصوات بينما حلت عبير موسي في المركز الثامن ب5.1 بالمائة وتموقع كل من سعيد العايدي وسلمى اللومي ومهدي جمعه خارج دائرة ال10 المترشحين الاول. فما الذي يفسر الانهيار غير المسبوق للعائلة الوسطية؟ من بناء الدولة الى بناء الأحزاب وباستقراء التاريخ السياسي المعاصر لتونس يمكن القول إن العائلة السياسية الوسطية حكمت البلاد منذ الاستقلال عبر تبني المشروع الوطني العصري. وأمكن لها العودة بقوة الى المشهد السياسي بعد الثورة عبر حزب نداء تونس الذي مثل قاطرة التوازن ازاء المشروع المحافظ والذي كان يثير خشية الوسطيين من تهديد النمط المجتمعي والمكتسبات الوطنية. لقد برزت مؤشرات تصدع ماسمي بالعائلة الوسطية بداية من تفكك حزب نداء تونس وتجزئه الى أحزاب عديدة حاول كل واحد منها مواصلة بناء المشروع الحداثي العصري بالطريقة التي ارتآها رافضين كل الدعوات العلنية والخافتة الى لملمة الشتات وتقوية البنيان. بل إن الامر تطور الى الاسوإ ببروز صراعات داخلية اضعفت كل تشكيلة سياسية من بينها ليضيع حلم المشروع الوسطي الجامع بين قبائل الاحزاب المتقاربة المتصارعة. إنذارات لم ينتبه اليها أحد وتوفرت العديد من الفرص التي مثلت جميعها نواقيس خطر تنذر بالسقوط المدوي، ومنها الانتخابات الجزئية في المانيا والتي فاز فيها مرشح يوصف سياسيا بمرشح مضاد للسلطة. ثم حلت الانتخابات البلدية. فكانت نتائج المستقلين وخصمهم السياسي حركة النهضة أرفع بكثير مما حققته مكونات العائلة السياسية مجتمعة.ثم قربت الاستحقاقات الانتخابية فلم تبرز أي محاولة جدية للتجميع سوى تصريحات جوفاء لبعض القيادات تفتقد الى الفعل و جرأة التنازل. وبدأت الهاوية أقرب ما يكون من مرشحي العائلة السياسية خلال الحملة الانتخابية الرئاسية عندما آثر كل مرشح منهم التنازل عدا انسحاب محسن مرزوق في الوقت الضائع. أنانية مفرطة لم يهزم العائلة الوسطية غير تشتتها التي اصرت على بقائه على الرغم من كل التنبيهات والمحاذير، وذلك بسبب النرجسية المفرطة والانانية وتعاظم الزعاماتية في كل قياداتهم، التي لم تكتف برفض كل طرح نحو التجميع فحسب بل اتجهت في العديد من المحطات الى الصراع بين مكوناتها بما حقق الاستفادة الى خصومها من جهة والى التيار المضاد للسلطة. هذا الصراع المحتدم داخل مكونات العائلة الوسطية يضاف اليه تقدمها بترشحات متعددة في الانتخابات الرئاسية شكل انطباعا لدى عموم الناخبين بأن معركتهم لم تعد موجهة نحو بناء الدولة بل هي حرب تموقعات من اجل الكراسي والمناصب ليكون بذلك الخيار الاقرب لعموم الناخبين وهو مناصرة التيارات المضادة للسلطة ومن خارج المنظومة التقليدية لاسيما انها محملة بخطاب سياسي يغازل الوجدان ويقصف في العمق السرديات القديمة التي بنيت العائلة الوسطية عليها طروحاتها الفكرية و السياسية.