بينت النتائج النهائية لعملية الفرز التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس بشكل قطعي جملة من المعطيات حول الوضع السياسي في تونس بعد تسع سنوات على جانفي 2011. تونس الشروق: ولعل أبرز ما يلاحظ هو ان تشتت العائلة الوسطية لم يقتصر على التشتت في مستوى القيادة التي تفرقت على عدد كبير من الأحزاب وإنما تجاوزه ليشمل القاعدة الانتخابية لتلك العائلة التي ظهرت بدورها مشتة بين مختلف المرشحين. وأدى ذلك التشتت الى توجيه ضربة قاضية لتلك العائلة التي حكمت تونس منذ الاستقلال فقد عجزت حتى عن تمرير مرشح للدور الثاني وكان أقرب مرشحيها في الترتيب في المرتبة الرابعة بنسبة 10 بالمائة وكان يمكن لأصوات يوسف الشاهد او عبير موسي ان تجعله في الدور الثاني. وبالنسبة للعائلة اليسارية فهي في وضع كارثي لا يمكن ان يقارن بوضع أي عائلة سياسية أخرى في تونس حيث انه حتى وان جمعنا كل ما تحصلت عليه تلك العائلة مع مختلف مرشحيها لن يصلوا إلى نسبة 3 بالمائة وهي نتيجة تصلها تلك العائلة لأول مرة منذ جانفي 2011 وتمثل انهيارا حقيقيا لها. وعلى مستوى حركة النهضة فقد خسرت بعض ناخبيها لصالح عدد من المترشحين القريبين منها ايديولوجيا وحزبيا ايضا مثل الجابالي والمرزوقي وبولبيار ومخلوف وسعيد الا انها حافظت تقريبا على القاعدة الانتخابية التي صوتت لها في الانتخابات البلدية التي بلغت حينها 517000 الف مقابل 434530 صوتا في الرئاسية. وبالرغم من ذلك فان هذا لا يخفي ان الحركة كان يمكن ان تكون متواجدة في الدور الثاني لو تمكّنت من توحيد صفوفها بشكل اكثر فاعلية فأصوات سيف الدين مخلوف مثلا تأخذها مباشرة الى الدور الثاني. اذن فان كل العائلات السياسية عانت في الانتخابات الرئاسية لكن بدرجات متفاوتة فمنها من وجهت إليه ضربة قاصمة ومنها من منحته صفعة ليستفيق ويتدارك ومنها من قلصت وجوده بشكل لا نظير له.
