كما هو مستقى من الأحداث التي ألمّت وتلمّ بالشرق الاوسط وبالعالم العربي ككل، يبقى السؤال الأبرز دائما من هو محركها وجاني ثمارها؟، وبالبحث دائما عن سبب الازمة ومن المستفيد منها... "فتّش عن اسرائيل". يبدو للمراقب المتابع لتطور الاحداث في الشرق الاوسط واشتعالها هذه الايام والتي تمثل ايران رأس حربة فيها، هي وليدة اللحظة أو بسبب صراع النفوذ الذي تقوده السعودية من جهة وايران من جهة أخرى. غير أن هذه الاسباب لا تعدو كونها تواصلا لأزمات تاريخية مبنية على عديد من مفاهيم الصراع الثنائية التي تغذّيها اساسا القوى الاستعمارية الغربية المتحكمة في خيوط اللعبة وتوجهها نحو خدمة مصالحها ليس الا. ومن هذه المفاهيم التي كانت وماتزال تشعل الشرق الاوسط ،الصراع العربي الفارسي او الخليجي الفارسي او السني الشيعي والتي تمثل القوى الغربية والكيان الصهيوني السلاح الاساسي له. بالإضافة الى ذلك نجد ان الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 لا تزال هي العامل التاريخي الاساسي للعداء مع طهران وما تمثله من مدّ ثوري قد يزعزع عروش آخرين. لذلك تمثل ايران اليوم بالنسبة لدول الخليج مثلا وامريكا والكيان الصهيوني العدو الذي يجب القضاء عليه مهما كلّف الثمن لأنها اصبحت غولا يسحر مجتمعات وحركات المنطقة ويساعدها على التمرّد والتحرّر والمقاومة. هذا الصراع العبثي آخر فصوله الهجوم على المنشآت النفطية السعودية الذي سارعت واشنطن كعادتها الى الباس "جرمه" مباشرة لإيران، في تواصل لاتهامات أخرى شتى اهمها البرنامج النووي. وبما أنه وفي كل صراع عبر التاريخ يكون السؤال دائما من المستفيد؟، فإن الملاحظ مثلا للصراع متعدّد الاوجه مع طهران تذهب خيوط حياكته دائما للكيان الصهيوني الذي يغذي هذا الصراع كعامل اساسي لبقائه. ومن تغذية الحرب الطائفية كما جرى في سوريا الى الصراع على النفوذ كما جرى على "الخليج العربي" ويجري على مضيق "هرمز" الى أزمة الملف النووي وما يخفيه من تضخيم لقوة طهران، يكون دائما "الخنجر" الصهيوني مسلولا. وفي الحقيقة حرص مؤسسو الدولة العبرية منذ بدء البحث عن وطن عن ترسيخ واقع الفوضى كعامل وحيد لبقاء واستمرار الكيان الصهيوني، لأنه كلما ازدادت الفوضى والدمار والقتل حول الكيان، زاد الأمان والرخاء والتوسع بالنسبة له. كان لافتا الايام الماضية التصريح الذي ادلى به رئيس الوزراء القطري الأسبق، حمد بن جاسم ،الذي قال فيه "لدينا اختلافات عديدة في الكثير من السياسات، ولكن إيران ستبقى جارتنا وعلينا أن نحظى بعلاقات مع إيران، علاقات طبيعية، عليهم أن يعرفوا خطوطنا الحمراء، وعلينا معرفة خطوطهم الحمراء، لا يمكننا القول بأن الخليج هو نحن ولا يمكنهم القول إن الخليج لهم، الخليج مشترك بيننا وبينهم". وهو تصريح كشف حقيقة عن رؤية ثابتة لإنهاء هذا الصراع العقيم الذي يجب فيه على الأبناء وضع حدّ لصراع الأجداد وطي صفحة الماضي القابع في صفحات التاريخ وفتح صفحة جديدة عنوانها التعايش والازدهار. يجب على جميع الاطراف الذين يصل الدم الى أدمغتهم ان يعوا جيدا أن المصير واحد والارث واحد والتحديات واحدة وأن التفاهم والحوار هو الحل الوحيد وحبل النجاة للجميع والذي به تُطوى كل الخلافات.