في السياسة ليس هناك عدو دائم كما ليس هناك صديق دائم، وقد جسّدت مقولة ونستون تشرشل (لا عداء دائم ولا صداقة دائمة في السياسة بل مصلحة دائمة) القاعدة التي بني عليه هذا السلوك السياسي في أنّ السياسة في النهاية هي مصلحة دائمة بالأساس. ففي تجارب سياسية كثيرة عبر العالم تتبدّل مواقف ومواقع الأحزاب والسياسيّين بحسب المصالح وبحسب تطورات الحياة السياسية، في تونس مثلا انقلبت الصداقة بين الزعمين بورقيبة وصالح بن يوسف من الترافق في مسار حركة التحرير الوطني الى عداوة شديدة لاحقا بسبب الاختلاف حول وثيقة الاستقلال الداخلي وطبيعة دولة الاستقلال، وفي ظل دولة الاستقلال انتقلت العلاقة بين بورقيبة وأحمد بن صالح من علاقة ارتباط تكاد كلية الى صدام عنيف، وفي مناسبات عديدة تبدّلت المواقف بغاية تحقيق المصالح. وبعد الثورة، تمثّل العلاقة بين الشيخين وبين النهضة والنداء الصورة المثلى لسياسة المصالح والتحوّل من العداوة (خطان متوازيان لا يلتقيان/ عِش دبيابير ورأس الثورة المضادة) إلى تقارب تجسّد في سياسة التوافق والتشارك في الحكومة الى قطيعة لاحقا بسبب اختلاف المصالح والتباين في قراءة استحقاقات المرحلة التاريخية التي تمرّ بها البلاد غداة المناداة باقالة يوسف الشاهد.