ترشحوا وتناحروا، وامسكوا بتلابيب بعضهم البعض، فذهبت معظم الاصوات في الصناديق لغيرهم... استفاقوا بعد اللطمة فطعنوا لدى المحكمة الادارية... ومحكمتنا الادارية ذات وجاهة ومحل ثقة وهي كذلك على الدوام وقد ردت هذه الطعون وثبتت نتائج الدورة الاولى من الرئاسيات.. لا نسمي ذلك لطمة ثانية لانه عمل قضائي معروف ومتداول... ويبقى للطاعنين الاستئناف الخاضع لحسابات سياسية على ما نفهم وليس لاسباب قضائية.. ويبقى لنا انتظار العودة لنغمس اناملنا في الحبر المقدس وهذه المرة لدورة رئاسية ثانية واخيرة ولانتخابات تشريعية يتم فيها اختيار نواب الشعب في جلباب الديمقراطية. هذا الجلباب الراقي في الاسم يبدو انه يقترب من التحول إلى كابوس في المسمى.. تلك الاحزاب التي تم كنسها او زُلزِلت زلزالَها مصرة على التغريد خارج السرب... ماضية في التناحر لا تعي انها الى الفناء الكامل سائرة.. لم تدرك ان بقاءها في اجتماعها... وكل الدلائل تشير الى انها في افضل الحالات ستفوز ببضعة مقاعد تفتح المجال لمواصلة العبث البرلماني الذي عشناه في الدورة السابقة. المستقلون، الحقيقيون منهم والمُرتَدون لهذا اللبوس، يبدو انهم اغرتهم الانتخابات البلدية الماضية ويطمعون في تخطي عتبات قصر باردو.. لكن ظاهر التشرذم يوحي بنتيجة حتمية وهي ان برلماننا القادم سيكون فسيفساء تزيد التشرذم عمقا والدولة شللا.. هذه الفوضى الهستيرية ضاعت فيها بوصلة البعض وغاب الركون الى العقل والتحليل السليم.. فالتركيز شديد على من سيكون الرئيس وكلا الفائزين في الجولة الاولى يتصرف وكانه دخل قرطاج فعلا ويملك بيده مفاتيح الحلول لكل القضايا والمشاكل.. نسيا ونسي مناصروهما ان صلاحيات الرئيس محدودة وبعضهم بدا يهدد بالويل والثبور.. والانكى ان مناصريهم لم يكتفوا بالدعاية المشروعة بل انزلقوا الى مهاوي الشحن المقيت وشيطنة كل طرف للطرف الاخر.. وهذه السيرة الخطأ شحنت النفوس الى مدى خطير جدا يهدد بتطورات كارثية لا سمح الله. في الاثناء كل الهياكل الدستورية مصابة حاليا بما يشبه الشلل... وحالة التسيب والخمول وفرت لحاملي الفكر الاقصائي الفرصة ففُجعنا مرة اخرى باغتيالات واعمال عنف كان الامن ضحية لها ومن الطاف الله انه ما زال متماسكا يشد على الوطن وسلامته بالنواجذ. الخلاصة ما زلنا في حمى الانتخابات وشحن النفوس في تصاعد والاستقطاب وصل لحد التشنج وهو الخطر الاكبر على مناخ يحتاج لنقاء وهدوء حتى تنصرف ادوات الحكم للعمل من اجل تحقيق آمال بناها الشعب على ديمقراطيته ولم تتحقق..