بات من الواضح أنّ الصراعات التي قسمت العائلة الوسطية أوصلتها الى وضع كارثي سياسيا حيث عجزت عن تصعيد مرشح في الدور الأول من الرئاسية كما تخشى ان تنال خيبة اخرى في التشريعية. تونس- الشروق: مثل الدور الأول من الانتخابات الرئاسية محطة مهمة لتقييم واقع العائلة الوسطية في تونس حيث ونظرا الى النتائج التي أفرزها صندوق الاقتراع يصح عليها المثل القائل «الكثرة وقلة البركة» حيث عجزت كل أحزابها ومستقليها عن إيصال أي من أبنائها الى الدور الثاني. ذلك ما كان متوقعا منذ انطلاق عملية تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية والتشريعية أيضا حيث ان تشتت هاته العائلة تواصل طيلة السنوات الخمس الماضية وحتى الاستحقاقات الانتخابية عجزت عن دفعهم الى الوحدة من جديد بعد ان تمكنت تلك العائلة من الفوز في انتخابات 2014 الرئاسية والتشريعية. لقد تقدم عن تلك العائلة للانتخابات الرئاسية عبد الكريم الزبيدي عن حركة نداء تونس وحزب آفاق تونس والتحق بهم حزب المشروع بعد ان تنازل المترشح محسن مرزوق لفائدة مرشحهم وكذلك حزب الوطن الجديد بعد تنازل سليم الرياحي أيضا لكن كانت تنازلات اللحظة الاخيرة التي لم تؤت أكلها. كما ترشح عن تلك العائلة الوسطية سلمى اللومي رئيسة حزب الأمل وسعيد العايدي رئيس حزب بني وطني ويوسف الشاهد عن حزب تحيا تونس والمهدي جمعة عن حزب البديل وناجي جلول كمستقل وعمر منصور كمستقل وعبير موسي عن الحزب الدستوري الحر والياس الفخفاخ عن حزب التكتل من أجل العمل والحريات. اذن بالنظر الى هذا الكم الهائل من المترشحين عن نفس العائلة وفي احيان يمكن ان نجد ستة مترشحين من نفس الحزب «طبعا الحزب الأصلي مثل نداء تونس» يمكن ان نكتشف مدى قدرة مرض الزعامة على تفتيت حتى المفتت في الساحة السياسية التونسية وكيف ان تلك العائلة تشظت الى ما دون الاحزاب. وبالرغم من ذلك الوضع المأساوي الذي أصاب العائلة الوسطية الا ان التشتت متواصل وحتى الاحزاب التي تنازلت في الرئاسية مازالت متمسكة بخوض تجربة الانتخابات التشريعية منفرد والى اليوم لم يتنازل أي حزب لحزب آخر كما لم تتنازل اي قائمة لأخرى وتم الحفاظ على نفس التركيبة ما سيؤدي الى تشتت الأصوات مرة أخرى. وهنا كانت هناك قراءات لواقع العائلة الوسطية في تونس حيث ان غياب الزعيم والرمز القادر على توحيد تلك الاحزاب والشخصيات جعل من كل قياداتها يحلمون بالزعامة ويرفضون التنازل لأي قيادة اخرى وربما هو نفس السيناريو الذي عاشته العائلة الدستورية وكان له دور ايضا في مزيد تعميق أزمة العائلة الوسطية بحكم انها احد اهم مكوناتها. ومن هنا نجد ان السؤال حول مستقبل هاته العائلة أصبح رهين ارادة الناخب فاما سيكون هناك تصويت موجه نحو قائمة او قائمتين على الاقصى من القائمات التي تقدمت باسم العائلة الوسطية او انها ستنتهي خارج البرلمان وبشكل ماساوي فعلا لان الكلمة اليوم في عملية التوحيد للناخب فقط بعد ان انتهت فرص القيادات. محسن مرزوق خطاب التوحيد موجه للناخبين قال رئيس حزب مشروع تونس محسن مرزوق في تصريح له حول توحيد العائلة الوسطية انها مرض الزعامة دمر تلك العائلة وحال دون نجاح محاولات توحيدها معتبرا ان الكلمة ستكون للناخبين بتوحيد رؤيتهم نحو الاطراف الاكثر صدقا ونظافة من تلك العائلة. وقال مرزوق ان الانتخابات الرئاسية «هي درس لابد من فهمه وهناك الكثيرون فهموه باستثناء بعض القيادات السياسية» مبينا ان أسباب النتائج هي أولا انقسام القوى التي قدمت نفسها على انه لها مشروع وطني عصري والسبب الثاني هو عدم القدرة على القطع مع الفساد السياسي وهو ما لم يغفره الشعب لهم. وأوضح ان الفساد السياسي أدى إلى سوء إدارة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ما جعل الفئات الضعيفة تحمل المسؤولية لتلك المجموعات السياسية التي كانت لها علاقة بطريقة او بأخرى بالفساد السياسي اما السبب الثالث فهو خطأ استراتيجي وهو في التوجه السياسي حيث ان الخيارات تغيرت وأصبحت الخيارات الاقتصادية والاجتماعية أولوية الأولويات. وتابع «استراتيجيا نحن مررنا من مسالة طبيعة الخط الوطني العصري الى الخط الوطني الشعبي وان المطلوب هو الحل الشعبي وعلى النخب ان تستبقه وتوجهه في الاتجاه المناسب» معتبرا ان التعديل ممكن عبر الانتخابات التشريعية التي تمثل السلطة الرئيسية «من المهم ان يتم توحيد خط التصويت أي توجيه التصويت في اتجاه واحد للصادقين والذين عملوا على توحيد العائلة الوسطية بالفعل». وفي الاتجاه ذاته اعتبر مرزوق ان الذوات المتضخمة هي التي حالت دون توحيد الجهود في الرئاسية وهو ما جعل من البعض ممن لا حظوظ لهم في الرئاسية يواصلون في السباق وهم يواصلون بنفس النسق في التشريعية مضيفا ان خطابه ليس للقيادات الحزبية وإنما للناخبين حيث ان تلك القيادات لم تفهم الدرس ومازالت مواصلة في سياسة التشتيت والانا المتضخم.