يتم اليوم البت في مطالب الاستئناف بخصوص قرارات المحكمة الادارية المتعلقة بنتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية، وفي صورة رفضها فإن مجلس هيئة الانتخابات سينعقد لتحديد موعد الدور الثاني والاذن بالحملة الانتخابية وسط مناخ ضبابي يضاعف الحيرة لدى الناخبين. تونس (الشروق) ولو يتحدد موعد الدور الثاني للانتخابات للرئاسية في أجل قريب، ويبقى الوضع على ماهو عليه، فانه من المؤكد حدوث تداعيات محتملة ووخيمة العواقب في علاقة بمضاعفة الحيرة لدى الناخبين وفي تهديد المسار الانتقالي برمته. وتتشكل هالة الغموض حول طبيعة المنافسة الرئاسية في دورها الثاني من الضبابية التي تحيط بكلا المترشحين في مستويين مختلفين، وذلك في علاقة أولا بحالة الغموض السياسي التي تحيط بالمترشح قيس سعيد في مستوى قابلية تنفيذ برنامجه وثانيا بحالة الغموض التي تحيط بالمترشح نبيل القروي في مستوى وجوده في السجن. ضرورة التوضيح فمن ناحية أولى قال المترشح قيس سعيد في ظهوره التلفزي الاخير أنه في وضع غير مريح من الناحية الاخلاقية قياسا بأن منافسه ليس طليقا وهو مايضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين، وحاول قيس سعيد في ذلك الحديث التفاعل مع جل الشبهات التي اثيرت حول محيطه، فكان موفقا الى حد ما، غير أن ذلك لم يمنع عنه استمرارية السؤال والتساؤل بشأن قابلية تنفيذ برنامجه الانتخابي. ولئن وُفق قيس سعيد في درء العديد من الشبهات المثارة حوله، فإن مجمل اجوبته لم تهتد الى توضيح مواقفه وبرنامجه الانتخابي والحال وان هذه التوضيحات باتت تشكل ضرورة سياسية طالما وأن الرجل قد شدد من ناحية انه قدم تصورات وللمجلس النيابي وباقي السلط مسؤولية التنفيذ وتحدث في ناحية ثانية عن ثورة وصّفها بالثورة داخل الاطر الشرعية تعيد ترتيب التنظيم من المحلي الى الوطني دون بيان الاقتراح العملي في ذلك. واصرار قيس سعيد على تفادي الحديث عن الاليات من جهة ومقاطعته الظهور الاعلامي بحجة الدوافع الاخلاقية رسخ انطباع مفاده أن مجمل التصورات التي يقدمها تتراوح بين المُثل حينا والطوباوية أحيانا، واذا ما تواصل تمسك قيس سعيد بذات الاجوبة عن كل الاسئلة المشروعة في علاقة بتنفيذ البرنامج الانتخابي وبالاليات المستوجبة وبتفكيك وحدات البناء فإن تواصل حيرة عدد من الناخبين هو أمر ثابت وخاصة منهم اولئك الذين لا تعنيهم مسألة نظافة اليد والاعتبارات الاخلاقية بقدر اهتمامهم بالطرح العملي. ضرورة الحسم ومن ناحية ثانية لم تحسم بعد مسألة بقاء المترشح نبيل القروي في السجن من عدمها،فاذا ما قررت الاجهزة القضائية الابقاء عليه في السجن فإن القاعدة الاساسية المتعلقة بتكافؤ الفرص قد وقع ضربها في العمق، وفي هذا السياق برز في الفترة الاخيرة دفع في سياق تفادي العواقب الوخيمة اهمها موقف الاتحاد العام التونسي للشغل والذي عبر عنه القيادي سامي الطاهري بقوله أن مسألة تمكين نبيل القروي من اجراء حملته الانتخابية لا ترتبط فقط بضمان تكافؤ الفرص بل تضفي الضمانة اللازمة للقبول بنتائج الانتخابات. وبقاء نبيل القروي في السجن خلال الايام القادمة يثير اشكالية سياسية اخرى تتعلق بعدم اطلاع الناخبين على تصورات المترشح ومواقفه، حيث انهم في كل الاحوال يتطلعون الى سماع ما سيقدمه في خطابه المباشر وفي تفاعله مع جملة الاسئلة التي تحيط به وببرنامجه رأسا والتي لا يمكن لحملات بالنيابة ان تستجيب لها وتستوعبها. من هذا المنطلق اصبحت المطالبة باطلاق سراح نبيل القروي مطلبا سياسيا باشره حزبه قلب تونس لتتساوى حظوظ المنافسة ومن المنتظر أن تدعمه تشكيلات سياسية اخرى تطالب على الاقل بالافراج المؤقت عن المترشح تفاديا لتداعيات وخيمة العواقب اخطرها عدم القبول بالنتائج والطعن فيها ، ومن ثمة الدخول في مسار يضاعف التشكيك ومهدد بمخاطر جمة. وقياسا بذلك تساهم طبيعة المنافسة في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية اذا مابقى الحال على ماهو عليه في مضاعفة حيرة الناخبين، فعدد مهم من بينهم يتطلع اليوم الى مقارنة في مستوى البرامج وفي مستوى مايبديه كل مترشح من قدرة على الفعل وليس من مصلحة الجميع بما في ذلك تلك التشكيلات السياسية التي خيرت الاصطفافات على حساب تقدير المصلحة الوطنية ان يتواصل هذا الوضع وينتهي ربما الى نتائج غير محمودة. في المحصلة، يتضمن الاسبوع الراهن جملة من الاحداث المهمة التي تشرئب لها كل الاعناق بداية من البت في مطالب الاسئتناف اليوم في قرارات المحكمة الادارية بخصوص نتائج الانتخابات في الدور الاول،ونظر دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بعد غد الاربعاء في مطلب الافراج عن نبيل القروي، ولعلها تحمل مؤشرات في تبديد حيرة الناخبين وفي بعث رسائل طمأنة بخصوص المسار الانتقالي في تونس. الأزهر الضيفي شرط أساسي لمصداقية الانتخابات يرى الكاتب العام لودادية قدماء البرلمانيين والنائب السابق لزهر الضيفي أن تواصل مكوث نبيل القروي في السجن خلال الحملة الانتخابية الرئاسية سيضرب مصداقية هذه الانتخابات وقد يؤدي ذلك الى حدوث تداعيات وخيمة جدا. واعتبر المتحدث في تصريح ل››الشروق›› أن استمرارية هذا الوضع ستضيع على تونس فرصة الانتقال الديمقراطي وربما ستعود بها الى مربع سيئ للغاية لافتا الى ان شرط نزاهة الانتخابات ومصداقيته يفرض ضرورة مشاركة القروي في الحملة الانتخابية مهما كانت وضعيته القانونية وذلك اعلاء للمصلحة الوطنية كما تفرض على الغيورين على الوطن حكاما كانوا او معارضة في تغليب الحكمة وتجنيب تونس تبعات التقلبات الإقليمية من خلال تجنيب البلاد الدخول في تقلبات سياسية لا تحمد عقباها. أنيس الجربوعي وضعية محرجة صرّح عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعي بأن هيئة الانتخابات وجدت نفسها في وضعية محرجة للغاية ومزعجة نظرا إلى عدم تمتع المترشحين للانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية بالحظوظ ذاتها ببقاء القروي في السجن. وأوضح الجربوعي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن الهيئة متخوفة جديا من إمكانية الطعن في نتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، ومتخوفة من تبعات ما سيحدث، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، نظرا إلى أن القانون لم يتعرض إلى مثل هذه الوضعيات والقضاء الإداري لم ينظر سابقا في قضايا من هذا النوع، مضيفا بأنّ الهيئة تخشى كذلك من عدم القبول بنتائج الانتخابات من قبل الرأي العام إذا استمر وجود المترشح، نبيل القروي، في السجن مؤكدا أن دور هيئة الانتخابات ليس تقنيا فقط بل يتمثل أساسا في حماية المسار الديمقراطي.