لم يحد الفنان نصر الدين الشبلي عن فلسفته الموسيقية، في عرضه «يوفا»، حين رسم مشهدية إيقاعية مساء السبت الفارط بمسرح الجهات بمدينة الثقافة، ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج الموسيقية. تونس «الشروق»: انطلقت عروض المسابقة الرسمية للدورة السادسة من أيام قرطاج الموسيقية مساء السبت 12 أكتوبر 2019 بعرض «يوفا» للفنان نصر الدين الشبلي الذي رافق في عرضه 07 موسيقيين، وهم المعلّم عبد المجيد زرقة (غناء وعزف مزود)، ومحمود الحبيب (غناء وايقاع)، وأكرم الغضاب (بندير)، وغازي الضريف (دربوكة)، ووسيم فيدا (باتري)، ونبيل الورغي (قيتار باص)، وصالح الطرابلسي (قيتار صولو)، بينما عزف نصرالدين الشبلي على آلات «الكونقا»، و«الهانغ درام» (القصعة)، و«الطبل»، بالإضافة إلى مشاركته في الغناء. ولم يحد نصر الدين الشبلي في عرضه «يوفا» عن مساره الموسيقي الذي انطلق فيه منذ سنوات أو عن فلسفته الموسيقية القائمة على خلق مشهدية بصرية أساسها الإيقاع ولو أن عدد العازفين في عرض «يوفا» أقل بكثير مما كان عليه عددهم في عرض «فلاقة»، وهذا مفهوم بحكم استجابة صاحب العرض لشروط المسابقة من ناحية وللمسألة المادية واللوجستية من ناحية أخرى، ومن هذا المنطلق استمد عرض «يوفا»عمقه من ضربات الطبل وأهازيج الصوفيّة بما يسمّى بموسيقى الربايبيّة والنوبة. وأنت تتابع عرض «يوفا» بمسرح الجهات طيلة 45 دقيقة، ستشد انتباهك حتما، تلك النغمات التقليدية الممزوجة بموسيقى «الاندرغراوند»، في تماه ساحر بين الماضي والحاضر.. هو سحر الموسيقى الالكترونية وهي تتقاطع مع موسيقى شمال افريقيا والموسيقى البدوية القادمة من العمق التونسي، دون المساس بهويتها وجماليتها إلى حد التماهي. وبذكاء كبير اختار نصر الدين الشبلي، وصلات مترابطة، في مدح أولياء الله الصالحين بنسق تصاعدي ودون توقف، تفاعل معه الجمهور الحاضر بالتصفيق والرقص دون توقف طيلة الفترة الزمنية المخصصة للعرض، فبعد أن استهل صاحب «يوفا»، عرضه بالدخلة الفزاعي وهي مقطوعة على آلة الطبلة قدم فيما بعد مجموعة من الأغاني على غرار «دالة ياعدالة»، و«سيدي محرز أه يا رجالة»، و«نعطيك برية»، و«نورو سباني»، و«جاني في منامي»، و«هيا يا بابا»... «يوفا» عرض متفرد إيقاعيا وموسيقيا لا يشبه غير صاحبه نصر الدين الشبلي، الذي ظل وفيا لاختياراته الجمالية والفنية، ونجح في انتزاع اعجاب الجمهور الحاضر من الموسيقيين وعشاق الموسيقى عموما، وأثبت الشبلي أنه اختار مسارا خاصا وفلسفة خاصة في مجال الموسيقى يسعى من ورائهما إلى بلوغ العالمية، ولعل في اختياره أكثر من رمزية لعنوان «يوفا».