في انتظار «ولادة» الحكومة الجديدة والتي قد يطول انتظارها، فان الحكومة القائمة اليوم مطالبة بضمان استمرارية الدولة واستمرارية المرفق العام والخدمات العمومية دون تغيير إلى حين تسليم المشعل. فبعض المظاهر التي تبرز بين الحين والآخر توحي بأن منظومة الحكم القائمة دخلت مرحلة «ارتخاء» بسبب قرب موعد خروجها من الحكم وهو ما ينعكس سلبا في بعض الأحيان على الحياة اليومية للمواطن. فظاهرة احتكار السلع والمضاربة بالأسعار والترفيع فيها دون موجب عادت بقوة هذه الايام وشملت عديد المواد الاستهلاكية في عديد الأسواق دون أن تقدر الرقابة الاقتصادية على ردعها. والموسم الفلاحي يشهد انطلاقة متعثرة بسبب ما يواجهه الفلاحون من صعوبات في توفير بعض البذور والاسمدة وفي حلحلة مشاكل المديونية. والموسم الدراسي مازال يشهد بدوره تعثرات على مستوى البنية التحتية لبعض المؤسسات التربوية وعدم توفّر الاطار التربوي في البعض الآخر. والخدمات الصحية في بعض المستشفيات تعيش هي الأخرى حالة من التهميش بسبب نقص التجهيزات وخاصة نقص الأدوية. وهو ما ينطبق أيضا على البنية التحتية للطرقات التي بلغت في الفترة الاخيرة حالة غير مسبوقة من التردي شأنها شأن مجال نظافة البيئة والمحيط. وهذا دون الحديث عن حالة الفوضى وغياب احترام القانون في بعض المجالات الأخرى وتواصل انتشار الفساد وضعف بعض الخدمات الإدارية.. وقد دأبت تونس منذ سنوات على انتقال السّلطة أكثر من مرة وبالتالي فإن تسيير الشأن العام في الفترات الاخيرة قبل تسلم السلطات الجديدة وضمان استمرارية المرفق العام والخدمات العمومية المختلفة مهامها ليس أمرا جديدا عن الدولة. وهو ما يجب أن تعيه جيدا الحكومة القائمة اليوم من خلال توفير متطلبات المعيشة اليومية للمواطن على مستوى توفر السلع والاسعار المعقولة ولم لا مواصلة تنفيذ الاصلاحات التي شرعت فيها دون انقطاع وذلك إلى آخر يوم في عهدتها حتى تهيئ الأرضية المناسبة للحكومة القادمة ولم لا مواصلة العمل معها بضعة أيام أو أسابيع أخرى لاطلاعها على الملفات الكبرى والضرورية المفتوحة. لقد عانت تونس طيلة السنوات الماضية وإلى حدود الايام الاخيرة السابقة للاستحقاق الانتخابي من ظاهرة تأثير الصراعات والتقلبات السياسية على أداء الحكومة وهو ما انعكس سلبا على الوضعين الاقتصادي والمالي للدولة. أما اليوم فيمكن القول ان هذه الصراعات قد زالت بعد النجاح في اجراء الانتخابات وقدوم منظومة حكم جديدة وبالتالي يجب ان تتخلى مكونات منظومة الحكم الحالية عن حساباتها وصراعاتها السياسية التي شغلتها طيلة الفترة الماضية وان تهتم بالفترة الانتقالية حتى لا تكون «أرضية خصبة» لحصول الانفلات والفوضى في أكثر من مجال، وهو ما قد يُصعّب مهمة الحكومة القادمة في إعادة الامور إلى نصابها وفي الانطلاق في تنفيذ برامجها واصلاحاتها الجديدة.