على هامش الفرحة التونسية بالعُبور إلى ال»شان» ظهرت صُورتان. الأولى تدمع لها العيون فرحا والثانية تَبكي لها القلوب دما. الصّورة الأولى جاءت من مدارج ملعب أبوبكر عمّار الذي احتضن لقاء ليبيا تونس برعاية المغرب المُنتصرة للأخوّة رامية بخطابات الفِتنة في قاع البحر الأبيض المتوسّط. وقد برزت في هذه الصّورة فئة قليلة من الجالية التونسية وهي تُساند المنتخب مُرتدية أقمصة كُتبت عليها الكلمات التالية: «تونسي وراسي عَالي». كلمات تختزل كلّ ما يُمكن أن يُقال عن روح الإنتماء للوطن والمنتخب الذي لم يتخلّف أنصاره عن دعمه في كلّ البلدان والأماكن. فقد كان الجمهور حَاضرا في فرنسا والبرتغال وسويسرا وروسيا التي اكتسحتها الشاشية والأعلام التونسية على هَامش المُونديال الأخير. وبعيدا عن هذه الصُورة التي تقشعرّ لها الأبدان ظهرت صُورة غير لائقة ونتمنّى محوها للأبد لأنها مُسيئة للمنتخب وباعثة على التّفرقة. الصُورة المُتحدّث عنها تهمّ فئة صَغيرة من «المتعصّبين» الذين سوّلت لهم أنفسهم بالتفاعل مع مباراة المنتخب بمنطق الجمعيات لا الفريق الذي يُمثّل جميع التونسيين والذي تذوب تحت رايته كلّ الألوان. البعض استكثر على النجم الحُضور اللاّفت للاعبيه في التشكيلة الأساسية للمنذر كبيّر (7 عناصر) وكأنّ هذا الأمر بالجديد على الفريق الذي يقدّم منذ عقود من الزمن خِيرة لاعبيه ومدربيه للمنتخب (ويكفي أن نستحضر اللاعب الفذّ والمدرب الكبير عبد المجيد الشتالي). هذا في الوقت ينسب فيه البعض الآخر نجاح المنتخب لأنيس البدري بوصفه صاحب الأهداف الثلاثة أمام ليبيا. والحقيقة أن مثل هذه الخِطابات تستحقّ الشجب والتنديد وتحتاج هذه الأفكار المتعصّبة إلى «حملة تنظيف» كتلك التي عاشتها تونس يوم الأحد حتى لا تتحوّل هذه السُلوكيات الشاذة إلى حالة مَرضية وعندها لا ينفع النّدم.