لن تنجح أي حكومة ولن ينال أي رئيس للجمهورية الرضى من التونسيين الا اذا تم رفع التحديات الاقتصادية المعطلة منذ ما يقارب عن التسع سنوات بل ضاعت كلها في غبار المعارك السياسية المندلعة في بلادنا سواء منها الحقيقية او الوهمية وهو ما حدا بالناخب الى معاقبة الطبقة السياسية كل حسب مدى مساهمته في كلفة هذا الفشل الاقتصادي الذريع. لن يتم كسب المعركة الاقتصادية وتوفير الحد الادنى من الاستقرار الاجتماعي الملائم للسير قدما على طريقين التطور السياسي والاقتصادي الا اذا نوعت تونس شراكاتها ولم تحصرها في علاقات لم تجلب لها الا عجزا في ميزانها التجاري سواء منه الغذائي الذي بلغ حسب اخر احصائيات المرصد الوطني للفلاحة 1114.5 مليون دينار في سبتمبر الماضي، مقابل 294 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2018 او العجز التجاري في مفهومه الواسع الذي بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة14848,1 مليون دينار مقابل 14183,2مليون دينار في نفس الفترة من السنة الفارطة وطبعا بالامكان الحد من هذا التدهور المتواصل سنة بعد سنة في العجز التجاري مع ما يصحبه من تدهور في قيمة الدينار وشح في خزينة البلاد من العملة الصعبة وارتفاع للاسعار بتنويع الشراكات للخروج من دائرة ضيقة حصرنا فيها انفسنا منذ سنوات لم تسبب لنا الا المتاعب لاننا غير قادرين فيها على فرض شروطنا وتحقيق الحد الادنى من التوزان على الاقل. تطوير الشراكة مع اليابان تعتبر اليابان من اهم الداعمين للاقتصاد التونسي منذ ما يزيد عن الستين سنة هي عمر العلاقات الديبلوماسية بين البلدين علاقات تونسواليابان خاصة ان هذا البلد حريص على تطوير العلاقات مع تونس وتؤمن بامتلاكها عقولا جبارة قادرة على تحدي مختلف العراقيل ووضع تونس على سكة التطور وقد تأسست شراكة متميزة وان مازال نطاقها ضيقا لتبادل المنافع بين البلدين حسب ما يمتلك كل طرف منهما وقد اكدت اليابان على لسان اكثر من مسؤول منها ان لها الكثير لفعله على مستوى تطوير العلاقات الاقتصادية. وقد اعدت منذ اقل من سنة حزمة من المشاريع والاتفاقيات لمزيد التقريب بين البلدين وتطوير تعاونهما الى شراكة مثمرة لهما معا وقامت بتمويل مشروع جسر حلق الوادي ورادس وكهربة الخط الحديدي الرابط بين العاصمة وبرج السدرية ومولت مشروع انشاء محطة كهربائية برادس ومولت ايضا مشروع محطة تخلية المياه بصفاقس اضافة الى مشاريع اخرى عديدة وبخلاف بقية شركائنا الاقتصاديين الذين يحصرون استثماراتهم في الجهات الساحلية فقط مولت اليابان عديد المشاريع لتأسيس مدارس في الجهات الداخلية للبلاد من شمالها الى جنوبها وتنوعت تدخلاتها من بناء مدارس او اعادة تأهيل القديمة وتهيئة عديد مراكز التكوين المهني الى تمويل مؤسسات صحية وتوفير التجهيزات اللازمة لها اضافة الى تحسين شبكة الطرقات بعديد المناطق وفي المحصلة قامت اليابان بتمويل 41 مشروعا اقتصاديا في تونس منذ سنة 1977 الى جانب استفادة تونس من 12 قرض "ساموراي " بقيمة جملية تصل الى مليارين و460 مليون دولار، اي ما يفوق 5 مليارات و 445 مليون دينار.كما اثبتت زيارة وزير الخارجية الياباني لبلادنا قبل اقل من سنة ان لها برامج مهمة في كل هذه المجالات ستنفذها بالتعاون مع الحكومة التونسية عبر الوكالة اليابانية للتعاون. الاستفادة من قمة ال«تيكاد 7» شاركت تونس ممثلة بوزير الخارجية خميس الدهيناوي قبل اسابيع قليلة في القمة السابعة لمؤتمر طوكيو للتنمية في افريقيا والذي حضره اكثر من 40 رئيس دولة او حكومة من القارة السمراء اضافة الى مسؤولين سامين من مؤسسات دولية مرموقة مثل مكتب الأممالمتحدة للمستشار الخاص بشؤون أفريقيا وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي ومفوضية الاتحاد الأفريقي والبنك الدولي وقد وضع هذا المؤتمر اسس الشراكة بين اليابان والقارة السمراء من خلال ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بتسريع التحول الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار من خلال إشراك القطاع الخاص، وكذلك بناء تنمية مستديمة، وتكريس أسس الأمن والاستقرار في القارة الأفريقية ولان تونس جزء لا يتجزأ من افريقيا بل هي بوابتها ونقطة عبور استراتيجية لها وقد وضعت اليابان كل ذلك في اعتبارها عند وضع اسس علاقاتها مع بلادنا فاننا نستطيع الاستفادة من هذا الاهتمام الياباني بالقارة السمراء وتحفيز هذا البلد على دفع التنمية ببلادنا عبر تركيز مشاريعها الموجهة الى افريقيا في تونس او جعل منتجاتها تمر عبر موانئنا ومطاراتنا وهو امر يفيد اليابان نظرا لقيمة تونس الاستراتيجية في راس القارة السمراء ولان اليابان دولة رئيسية مانحة تؤدّي دورا مهما في تقديم المساعدات للدول الإفريقية من خلال "برنامجٍ المساعدات من أجل دعم التنمية في القارة الإفريقية" لدعم القطاعين العام والخاص والتي وصلت الى 32 مليار دولار اضافة الى مساعدات رسمية بقيمة 14 مليار دولار و6.5 مليار دولار لدعم البنية التحتية كما التزمت اليابان باستثمار نحو 30 مليار دولار في أفريقيا خلال قادم السنوات فان بإمكان بلادنا ان تنال نصيبا معتبرا من هذه المساعدات لتطوير بنية تحتية عالية الجودة ستستفيد منها اليابان لتنمية مبادلاتها التجارية مع القارة السمراء اضافة الى ابرام عقود لتبادل الخبرات وارسال الطلبة التونسيين لدراسة في الجامعات اليابانية والاستفادة من ريادتها في صناعة العقول والاستثمار في الذكاء خاصة ان اليابان لا تسعى الى الحفاظ على المتميزين من الطلبة لديها كما تفعل البلدان الغربية لانها مكتفية في هذا الجانب .. الاستفادة من شراكة متميزة مع بلد الشمس البازغة ستكون متاحة للقطاع الخاص ايضا لبحث هذا البلد على اسواق لمنتجاته المعروفة عالميا بجودتها وبقلة استهلاكها للطاقة وباسعارها ذات التنافسية العالية اذ هي اقل بكثر من منتجات القارة الاوربية سواء في الالكترونيات او الصناعات الميكانيكية ويمكن مقايضتها بمنتجات تونسية بما يخفف العبء عن البنك المركزي ويقلل من نزيف العملة الصعبة الذي اضر بالدينار وبالاسعار اضافة الى ان بين البلدين اتفاقية حول عدم إزدواجية الجباية بينهما وهو ما سيدفع مبادلاتهما الى اقصى نسق ويحفز المستثمرين على تقوية تعاملاتهما سياسة الأيدي الممدودة بالقاء نظرة بسيطة الى الدول التي لتونس معها عجز اقتصادي مستفحل بملايين الدولارات نرى ان الواجب يجتم على الحكومة الجديدة ان تضع كاهم نقطة في برنامج عملها للفترة القادمة هو الانفتاح على البلدان التي تمارس معنا سياسة الاديد الممدوة وليست التي تريد ان تاخذ دون ان تعطي واكدت اليابان وهو ما عبرت عنه اجندة علاقاتها مع بلادنا بلنحن ايادينا ممدودة الى المستثمرين التونسيين الراغبين حيث انها لا ترغب في ترويج منتجاتها كيفما اتفق واغراق اسواقنا بها بل تفكر في ضمان ديمومة اقبال التونسيين عليها بتوفير خدمات ما بعد البيع وتوفير مستلزمات الصيانة حتى تحافظ المنتجات على جودتها وتوفير كل الضمانات لتكون في مستوى تطلعات مع تقديم المساعدة التكنولوجية الضرورية لتونس لتطوير بنيتها الاقتصادية.