كشف الباحثون أن معايشة الإنسان للتقلبات الشديدة للطقس، في كل أنحاء العالم، ترفع من مستوى الضغط وتزيده تشنجا، ينضاف إلى مشاغله والتزاماته اليومية مع الأسرة والعمل. وتشمل تقلبات الطقس ثلاثة محاور رئيسية مؤثرة فإضافة إلى التحول من موسم إلى آخر يواجه الفرد صعوبة في التأقلم مع بداية الفترة الانتقالية من البرد إلى الحر أو العكس. وفي ظل ما يشهده العالم من احتباس حراري وكوارث طبيعية متنوعة، صار من الممكن، في كثير من الأحيان، التعايش مع كل الفصول في يوم واحد. كما توصل الأخصائيون إلى أن للحرارة المرتفعة تأثير على القدرة الإنتاجية والسلوكية وطريقة التفكير والقدرة على التعلم والاستيعاب. ففي دراسات أندرسون منذ عام 1987 ولغاية 2002 ودراسات العالمين بوران وريتشاردسون تبين أن للحرارة تأثير على الحالة النفسية ومن ثم على الأفكار والسلوك مؤدية إلى اضطراب المزاج والشعور بعدم الارتياح وصعوبة التحمل أو الصبر وقلة التركيز، مما يؤدي إلى الاندفاعية والعصبية الفائضة ومن ثم العنف لأي مثير حتى لو كان بسيطا. وفي دراسة، امتدت ل10 سنوات حول الجرائم في الولاياتالمتحدة الأميركية، تبين أن معظمها كانت تقع في المواسم الحارة وأن العنيفة منها كانت أكثر في المناطق التي تمتاز بدرجات حرارة أعلى مثل (القتل والاغتصاب). أما الأقل عنفا كحوادث السير والاحتيال والسرقة فتكون في المناطق والمواسم الأقل حرارة. وهو ما يعني أن هناك علاقة طردية بين العنف من حيث النوعية و الكمية وبين درجة الحرارة من حيث الشدة والفترة الزمنية. وفي الدراسات، التي أجريت على المساجين، تبين أن المشاحنات والعنف يكونان أقل بكثير عند وضعهم في طقس معتدل منه عند وضعهم في طقس حار، وكذلك الحال بالنسبة لطلاب المدارس. وفي دراسات على الطلاب الذين يدرسون في صفوف حارة وجد الباحثون أن نسبة الشجار بينهم أو مشاكسة المعلمين والعنف الشديد تجاه بعضهم بعضا أو تجاه المعلمين عالية. وكذلك الحال بالنسبة إلى تدني التركيز والاستيعاب والتحصيل العلمي مقارنة مع المدارس التي تحظى بدرجات حرارة معتدلة. ويوضح أطباء النفس أن الإنسان يشعر خلال الشتاء والخريف بالاكتئاب بسبب قصر ساعات النهار أو بسبب الظواهر المخيفة كالبرق والرعد والرياح والأمطار ومنها ما يشل حركة الحياة ويصيبها بالتجمد مثل الثلوج والسيول. ويفضل الكثيرون فصل الربيع لتميزه باستقرار درجات الحرارة، في مجملها، لكن التقلبات لا تستثنيه لأنه يشهد بدوره اضطرابات متواترة رغم قلتها مقارنة ببقية الفصول الأخرى. يبعث جوه الراحة في النفس ويشجع على النشاط، حيث تزداد ساعات النهار، ولكن البعض يشعر بحساسية من هذا الفصل مثل احمرار العينين وغيرها وذلك بسبب تغيرات عميقة تحصل في نظام النوم وإيقاع العمليات الحيوية في الجسم أثناء فصل الشتاء وهي ما يصعب على الجسم التخلص منها بسهولة والتأقلم مع حلول فصل الربيع. فحينما تبدأ درجات حرارة الجو بالارتفاع يحدث توسع في الأوعية الدموية الأمر الذي يؤدي إلى هبوط ضغط الدم وبالتالي الشعور بالوهن والهبوط. كما أنه من الصعب على الجسم التأقلم بسهولة وبسرعة لتغير نظامه الداخلي تبعا لزيادة الضوء في الربيع. ويعتبر العلماء هذا الفصل من أفضل الفصول من الناحية النفسية.