تونس (الشروق) اكد المحلل السياسي اللبناني نضال السبع في حوار مع الشروق بالهاتف من بيروت ان الحراك الشعبي اللبناني متواصل في البلاد للمطالبة بالإصلاح الاقتصادي مشيرا الى وجود مخاوف من الفراغ الحكومي في حال قدمت الحكومة استقالتها . واعتبر المحلل السياسي اللبناني ان لا احد بإمكانه التكهن بما ستؤول اليه الاوضاع في لبنان في ظل تواصل الاحتجاجات مشيرا الى وجود قوى داخلية وخارجية تريد التأثير على منحى الحراك والركوب على الاحداث . وفيما يلي نص الحوار . أولا لو تحدثنا عن الاسباب الحقيقية لاندلاع الاحتجاجات ؟ من المعروف ان لبنان يرزح تحت دين كبير يصل الى 100 مليار دولار وهذا نتيجة لسياسات الحكومات المتعاقبة منذ الطائف وما قبل الطائف . وهناك في لبنان هدر للأموال العامة حيث تم بعث العديد من الصناديق مثل صندوق المهجرين وصندوق الجنوب وصندوق مجلس الانماء وصندوق الاعمار و الهيئة العليا للاغاثة وهي كلها صناديق للمسؤولين السياسيين و تستنزف عمليا الدولة اللبنانية. و قبل عشرة ايام قدم وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير اقتراحا في مجلس الوزراء من اجل فرض ضريبة على استخدام موقع التواصل الاجتماعي «واتساب» ولم يعترض عليه أحد من الوزراء .وامام هذه العوامل شعر الشعب اللبناني ان الحكومة تمد يدها الى جيبه وخرج الناس الى الشارع بطابع عفوي دون اي ارتباط باي جهة سياسية او طائفية . ولكن للأسف هناك من يريد ان يركب على الاحداث . رئيس الحكومة سعد الحريري طرح خطة اصلاحية ، هل تعتبرها حلاّ لإنقاذ البلاد واخماد الغضب الشعبي ؟ لا شك ان الورقة الاصلاحية التي قدمها رئيس الحكومة هي بادرة طيبة ولكن هذه الورقة بحاجة الى تطوير وقد ورد فيها نقاط أتحفظ عليها كتعهده بإصدار عفو عام بمعنى ان كل من ارتكب جريمة سوف يخرج من السجن والمطلوب هنا هو تعزيز سلطة القضاء واعادة المحاكمات بشكل عادل وليس اصدار قوانين للإفراج عن المجرمين . والنقطة الثانية التي أتحفظ عليها هي دعوة الحريري الى خصخصة قطاع الاتصالات وهذه دعوة الى بيع ممتلكات اللبنانيين . باختصار ورقة الحريري بحاجة الى اعادة دراسة وتطوير واصلاح بعض البنود . والبديل حسب رأيي هو إلغاء بعض الصناديق التي تستنزف المليارات ويتم التحكم بها من قبل بعض القوى السياسية والطائفية في البلد . الرئيس ميشال عون أيضا القى خطابا مهما دعا خلاله الى الحوار ، فأي اثر لذلك على الشارع اللبناني ؟ اعتقد ان رسالة ميشال عون للشعب اللبناني كانت ايجابية لأنه فتح الابواب للحوار . هناك بعض القوى رفضت هذه الدعوة لان لديها اجندة خاصة بها وتريد ان تحول الحراك من مطلبي الى صراع سياسي في محاولة لإسقاط الرئيس والحلول مكانه ... إذن ماهي الخطوات المطلوبة اليوم لطمئنة المحتجين ؟ هناك العديد من الخطوات التي يمكن ان تتخذها الحكومة فعلى المستوى السياسي يمكن التنسيق من اجل استبدال بعض الوزراء كوزير الاتصال محمد شقير وكذلك اقالة بعض الوزراء الذين يستفزون الشعب اللبناني عبر بعض التصريحات الطائفية و العنصرية . ويمكن كذلك اقالة الحكومة بالتنسيق مع الرئيس عون .وكذلك يمكن طمأنة المحتجين عبر احداث هيئة قضائية يتم فيها فتح كل ملفات الفساد في البلاد . من هي القوى السياسية الاساسية القادرة اليوم على تحريك وتأطير المظاهرات الشعبية؟ المظاهرات الشعبية لا يستطيع اي طرف ان ينسبها الى نفسه لان الحراك بدأ من عكار الى طرابلس الى البترون الى جبال الى صيدا وبيروت وكل باقي المدن اللبنانية . اي ان الحراك لا يرتبط لا بطرف سياسي ولا بطرف طائفي . فالشعب اللبناني خرج بكل عفوية ردا على تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية واداء الحكومة المزري. مع تصاعد نسق الاحتجاجات هل تعتقد ان البلاد تسير نحو فرض حالة الطوارئ ؟ عمليا الناس تترقب ولا أحد يعلم الى أين تسير الأمور. عندما خرج عدد من الشبان للتظاهر يوم 18 اكتوبر لم نتصور ان تصبح المظاهرات كبيرة بهذا الحجم. لبنان دخل في نفق غير واضح .وباختصار لدينا مجلس نواب منتخب ورئيس دولة منتخب بطريقة ديمقراطية ولا نريد ان ندخل في فراغ سياسي. في العموم ، هل تعتقد ان المظاهرات العارمة المتواصلة قد افقدت شرعية الطبقة السياسية الحاكمة علما وان الشرعية تستمد من الشعب ؟ اذا فقدت هذه الطبقة الحاكمة شرعيتها فسيكون صندوق الاقتراع هو الحكم ولكن الوضع باعتقادي لا يسمح الآن بإجراء الانتخابات علما وان بعض القوى تطالب بوضع قانون جديد للانتخابات . هل هناك مخاوف اليوم من فراغ حكومي في حال قدمت حكومة الحريري استقالتها ؟ لبنان اضاع كثيرا من الوقت من اجل وضع قانون انتخابي واجراء انتخابات وتشكيل الحكومة ولا نريد اليوم العودة الى المربع الاول خاصة في ظل الظروف الحالية ...الفراغ الحكومي امر لا يخدم مصلحة البلد بل المطلوب اليوم اجراءات سريعة لامتصاص الغضب الشعبي . البعض يتحدث عن تدخلات خارجية في احتجاجات لبنان ، ماهي مدى صحة هذه المعلومات ؟ لا شك ان هناك تدخلات خارجية في الاحتجاجات اللبنانية . وهذا يبدو واضحا من خلال بعض القنوات التلفزية الاجنبية التي صرفت المليارات من اجل التأثير على الحراك الشعبي... هناك بعض التدخلات وهذا أمر معروف ومتابع بدقة من قبل الاجهزة المختصة في الدولة اللبنانية... كما ان هناك مخاوف من استغلال تركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان لحالة الفوضى لتصدير العصابات الارهابية كجبهة النصرة من ادلب الى بلادنا كما حدث منذ فترة عندما ارسلت تركيا الارهابيين من سوريا الى ليبيا. لذلك يجب على الدولة الانتباه والحذر جيدا من المخططات التركية في لبنان خاصة بعد انكشاف الدور التركي في دعم وتصدير الارهاب . هل تعتقد ان المظاهرات العارمة قادرة على توحيد اللبنانيين والقضاء على النزعة الطائفية ؟ نحن نأمل من هذا الحراك الوطني اللبناني المعبر حقيقة عن تطلعات الفقراء والكادحين واللبنانيين بشكل عام ان يدفع الى الغاء الطائفية السياسية والى توحيد الشعب اللبناني ...الحراك الشعبي الذي انطلق هو نظيف وصادق وغير مرتبط بأي طرف ولكن هناك مخاوف جدية من تدخل بعض الاطراف السياسية الداخلية او الخارجية من خلال بعض السفارات لتحريف المطالب الشعبية عن مسارها وادخال لبنان في مستنقع الحروب الاهلية كما حدث في ليبيا واليمن وسوريا . بالنسبة لنا في لبنان ندفع باتجاه اصلاح النظام لا اسقاطه.