عادة ما يتم استقبال موسم جني الزيتون بالابتهاج الشديد، باعتبار أن هذا القطاع الحيوي ينعش الفلاح والتاجر والعاطل عن العمل والمستهلك وغيرهم ..لكن في صفاقس الواقع عكس ذلك في هذه الفترة ..لماذا ؟ «الشروق» مكتب صفاقس وسط حالة من التوجس من الفائض السابق في زيت الزيتون والمقدر ب30 ألف طن، ينطلق موسم الجني بصفاقس رسميا يوم 3 نوفمبر المقبل، في وقت يعيش فيه أصحاب "المعاصر" على وقع الديون والخسائر بسبب عدم قدرتهم على ترويج الزيت المحلي الأمر الذي انعكس على الفلاح. وفي إطار الاستعدادات للموسم، وحرصا على ضمان إنجاحه واعتبارا لأهمية "صابة" الزيتون المقدرة ب 325 ألف طن من الزيتون أي ما يعادل 71 ألف طن من الزيت، عقد بمقر الولاية جلسة عمل أشرف عليها أنيس الوسلاتي والي صفاقس بحضور السادة الكاتب العام للولاية والمندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بصفاقس والمدير الجهوي للتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية بصفاقس وممثلي المنظمات الوطنية والهياكل المهنية والمصالح الجهوية ذات العلاقة وعدد من أصحاب "المعاصر" ومنتجي الزياتين. وقد اتفق المجتمعون على ضرورة الإحاطة بالموسم ومتابعة سيره على مستوى الجني والنقل والتحويل ودراسة الإشكاليات التي تعترض الموسم وإيجاد الحلول الملائمة مع دعوة الإدارة الجهوية للتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية الى تعهد المسالك الفلاحية وصيانتها ودعوة السلط الأمنية إلى التصدي للنقل العشوائي للعملة ومزيد اليقظة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية "الصابة" من السرقة. كما تعهد المجتمعون بصيانة مصب المرجين وإحكام التصرف في مادة المرجين التي تفرزها "المعاصر" بالجهة والعمل على الحد من الانعكاسات السلبية الناتجة عنها وإعداد برنامج لتثمينها في المجال الفلاحي. كما اتفق الحضور على ضرورة احترام موعد انطلاق موسم التحويل الذي قررته اللجنة الجهوية لمتابعة سير موسم الجني وتفادي الفتح المبكر وغير المرخص فيه "للمعاصر" مع الحد من ظاهرة البيع العشوائي للزيتون وتكثيف المراقبة على "معاصر" تحويل الزيتون وتخزينه في أفضل الظروف للمحافظة على جودة المنتوج التونسي من الزيت. مشاكل بالجملة زيت الزيتون بولاية صفاقس وربما بكل البلاد يعاني مشاكل بالجملة. لكن بصفاقس الأمر أعمق باعتبار أن الجهة تضم وحدها مليونا و500 ألف شجرة من ضمن 8 ملايين و275 ألف شجرة بكامل البلاد . وتضم صفاقس أكبر غابة زياتين في العالم. ويقدر عددها ب320 ألف شجرة موجودة بمنطقة الشعّال. لكن هذا الكم الكبير من الأشجار يعاني بالأساس من التهرم. إذ تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مليونا و275 الف شجرة زيتون بصفاقس تعاني من " الشيخوخة ". وتحتاج إلى التشبيب. لكن رغم مجهودات الدولة للإقناع، إلا أن الفلاح لم يستجب لتشبيب شجرة الزيتون التي يفوق سن بعضها ال100 عام. ومع هذه المشاكل، يعاني قطاع الزيتون بصفاقس عديد المشاكل تنطلق من مرحلة الجني وصولا إلى التحويل والترويج. فعادة ما يشتكي الفلاح من السرقة التي لئن تقلصت في السنتين الأخيرتين بفضل المجهودات الأمنية، إلا أن الظاهرة مازالت موجودة. وعادة ما يتكبّد الفلاح خسائر فادحة من هذه الأعمال الإجرامية. ومع انطلاق الموسم، يعاني بعض الفلاحين من نقص اليد العاملة للجني ليصطدم بعدها الفلاح بسعر الزيتون الذي لم تتمكن هذا العام الجهات المعنية -إلى حد صياغة هذه الورقة- من تحديد سعره نظرا الى وفرة الإنتاج وفائض الزيت المقدر ب 30 الف طن من زيت الزيتون من السنة الفارطة والذي لا يشجع " التجار " على "الخضارة " أي اقتناء الزيتون على رؤوس الاشجار . وينتظر أن يتم تحديد السعر خلال الأيام القليلة المقبلة مع فتح سوق الزيتون بقرمدة باعتبارها أكبر سوق للزيتون لا بتونس فقط. بل في افريقيا ككل حسب رئيسة بلدية قرمدة آمنة بوعزيز، التي أضافت أن هذا السوق سيصبح خلال هذه الفترة بورصة عالمية لتحديد أسعار كلغ الزيتون خاصة انه يستقبل -وحده- 50 ألف طن من الزيتون.. الحلول ممكنة "المعاصرية" أو أصحاب "المعاصر" يعانون في هذه الفترة من مشاكل بالجملة. فصفاقس التي تضم أكثر من 300 معصرة، بعضها أحجم عن فتح فضائه للتحويل بسبب فائض الزيت لديه، وبسبب الديون المتراكمة لدى البنوك. عدم فتح عدد كبير من "المعاصر" أثر بشكل كبير على الفلاحين باعتبار أن سلعهم لن تجد سوقا واسعة مما سيؤثر حتما على أسعار الزيتون المقدرة في جهة صفاقس ب 325 ألف طن أي ما يعادل 71 ألف طن من الزيت مع التأكيد على أن "الصابة" على المستوى الوطني تقدر ب 350 ألف طن من زيت الزيتون. وتأتي ولاية صفاقس على رأس قائمة المناطق المنتجة للزيتون وزيت الزيتون (17 بالمائة من الانتاج الوطني) تليها المهدية (14 بالمائة) فسيدي بوزيد وسوسة والقيروان. 20 بالمائة فقط من هذا الإنتاج يتم توجيهها إلى السوق الداخلية فيما توجه الكميات المتبقية نحو 50 وجهة دولية أهمها الاتحاد الأوروبي، الذي يستحوذ وحده على 70 بالمائة من صادرات تونس من زيت الزيتون حسب المدير العام للإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عز الدين شلغاف الذي أضاف في تصريح صحفي ان تونس ستسترجع هذا العام مرتبتها كثاني بلد مصدر لزيت الزيتون بعد اسبانيا (ما بين 200 و250 ألف طن) خاصة بعد تراجع الإنتاج المتوقع في عدد من الأسواق المنافسة. هذه الأرقام رغم أهميتها، تخفي وراءها عديد المشاكل مما ذكرنا ومما لم نذكر، ليبقى التخفيض في سعر زيت الزيتون بالسوق المحلية والعمل على التصدير خارج حدود الوطن بالبحث عن اسواق جديدة لامتصاص جزء من المشاكل حتى يتسنى فعلا الحديث عن موسم جني الزيتون وما يرافقه من ابتهاج وحركية كبرى تعرفها البلاد تزامنا مع الموسم . أرقام ودلالات 325 ألف طن زيتون "صابة" صفاقس هذا العام أي 71 ألف طن من الزيت مليون و500 شجرة زيتون بصفاقس بعضها فاق عمره ال100 عام ٪17 من الإنتاج الوطني توفره صفاقس 20 ٪ فقط من الإنتاج يتم توجيهه إلى السوق الداخلية