كشف المخرج السينمائي محمد الزرن، عن تحضيره عملين سينمائيين جديدين، مشيرا إلى أن غيابه عن الساحة في السنوات الأخيرة، كان بمثابة وقفة التأمل الممزوجة بالتزامات عائلية. تونس «الشروق» بعد مسيرة انطلقت منذ أواخر الثمانينيات، أخرج خلالها قرابة 08 أفلام، يعتبر المخرج السينمائي التونسي أصيل مدينة جرجيس بالجنوب التونسي، أنه ليس غزير الإنتاج، لذلك تغيب مدة ثلاث سنوات عن الساحة، أي منذ فيلمه الأخير «ليليا، فتاة تونسية»، الذي سبقته أعمال أخرى على غرار «الأمير» و»العيش هنا» و»ارحل» والفيلم الذي دخل التاريخ ودرّس في المعاهد السينمائية «السيدة». وعن غيابه وعن جديده وعن مواضيع أخرى تحدث الزرن بكل تلقائية ل»الشروق»، عن التفاصيل في الحوار التالي: تغيبت عن الساحة السينمائية وعن أيام قرطاج السينمائية تقريبا مدة ثلاث سنوات، فما السرّ في ذلك؟ - هي غيبة تأمل بالأساس، ممزوجة بالتزامات عائلية. فأنا أب لثلاثة رجال. وحذار أن نغفل أو نخفق في متابعة أبنائنا والاهتمام بهم والوقوف إلى جانبهم. فبعد تجربة في الحياة، يمكن أن أخفق في فيلم وأنجز غيره. أما أن نخطئ في حق أبنائنا فتلك خسارة ستبقى نقطة سوداء وربما هي خسارة حياة. وما ذا عن فترة التأمل؟ - فترة التأمل ضرورية، بالنسبة لي، لذلك لست غزير الإنتاج. لكن كل أفلامي مشاريع أطروحات، تتطلب وقتا وقليلا من التسكّع وقليلا من القراءات والاكتشافات. وحاليا أنا بصدد تحضير مشروعين سينمائيين كبيرين، أحدهما في جرجيس. وهو في طور الكتابة. والثاني ما بين تونس وأوروبا. وهذا الأخير مكتوب. وحاليا في طور إعادة صياغة السيناريو. ونحن حاليا في مرحلة دراسة الإنتاج، لأن هذا الفيلم باهظ جدا. وإنتاجه سيكون أوروبيا تونسيا، علما أن تصويره سيكون بنسبة 80 % في تونس. هل يمكن أن تحدثنا عن هذا الفيلم التونسي الأوروبي، أو حتى عن عنوانه؟ - (مبتسما) عنوان الفيلم قنبلة، لذلك لن أبوح به الآن، ولننتظر حتى نسجّل الفيلم. لكن ما أستطيع قوله إنني متفائل وسعيد، بهذا الفيلم المقتبس عن رواية أجنبية ذات بعد إنساني فلسفي، وخاصة سياسيا اقتصاديا في علاقة ما بين الشمال والجنوب. بعد تعاملك مع الممثل عبد القادر بن سعيد في آخر أفلامك، سمعنا عن مشروع مشترك سيجمعكما في الكتابة، بحكم الصفة الثانية لهذا الممثل وهو أنه شاعر، هل أجلتم هذا المشروع؟ - المشروع الذي سيجمعني بعبد القادر بن سعيد، مهم جدّا. إذ أتصور أن التجربة بين سينمائي وشاعر ستعطي منتوجا رائعا. وقد بدأنا مشروعنا. ثم توقفنا لالتزامات كلينا. وشخصيا مصرّ على خوض هذه التجربة، لأنه كنا قد قررنا أنا والشاعر محمد الصغير أولاد أحمد قبل وفاته أن نكتب سيناريو في جرجيس مدة شهر. وقد ذهبنا إلى جرجيس. والسيناريو في الواقع اقتباس لقصيدة أولاد أحمد «الوصيّة»، لكن للأسف لم نكمل السيناريو. كانت تجمعك علاقة وطيدة بالفقيد أولاد أحمد؟ - أكيد فهو صديق عزيز، وبالنسبة لي من أسباب غيابي عن العاصمة، وتحديدا شارع الحبيب بورقيبة الذي هجرته، هو وفاة أولاد أحمد لأن هذا الشارع أصبح يتيما بعد وفاة صاحب «الوصيّة». وحاليا أوزع وقتي بين جرجيسوتونس وفرنسا، بحكم دراسة أولادي... في كل حديث يجمعنا بك مهنيا أو كأصدقاء، لا تكاد جرجيس تغيب لحظة عن حديثك، ألهذه الدرجة أنت متيم بمسقط رأسك؟ - أريد أن أنجز عن جرجيس مأساة جنّة بلا ملائكة. ففيها أحداث وحركية. وما يحدث فيها يتجاوز الخيال. وفيها ثراء كبير. فجرجيس معدن للخلق وللإبداع وللبلاد كلّها بحكم موقعها الجغرافي، والامكانيات البيئية والاقتصادية. لكن جرجيس كلّها رغم ذلك لا تتجاوز كونها «شقف». فكل شيء متمركز في الشمال. ويجب استثمار إمكانيات هذه الجهة حتى ننقذ أجيالا وجهات قريبة منها. فمثلا ميناؤها القديم من أكبر الميناءات في إفريقيا. والناس غارقون في الزيت وغير قادرين على تصديره. وبالتالي كيف لهذه الجنة أن يهجرها الملائكة؟ هل حضرت فعاليات أيام قرطاج السينمائية وما رأيك في دورة نجيب عياد؟ - في الحقيقة عدت لتوي من السفر. ولم أحضر سوى يومين، لا أعرف ما الذي حصل. لكن اطلعت على البرنامج. وسعيد بعبور الأفلام التونسية الجديدة، التي أصبح لها حضور عالمي، وبجودة عالية. وهذا نتاج مخاض السينما التونسية الذي جعل لكل فيلم بصمته، بيد أن مجهود السينمائيين لا يقابله اهتمام سياسي من الدولة بالسينما، على مستوى البنية التحتية والدعم، وغياب سياسة اقتصادية للسينما، باعتبارها (السينما) يمكن أن تدخل في الدورة الاقتصادية، وأن تكون حافزا لتثقيف أجيال على الصورة والفكر. وتكون أيضا المعوض للفراغ وللفساد. فلما لا تبنى 03 و04 قاعات سينما في كل حي شعبي؟ تحدثت عن السياسة في علاقة بالسينما، فماذا لو حدثتنا عن رأيك في ما تعيشه بلادنا من تحولات سياسية؟ - الشباب انتخب رئيسا جديدا، هذا الشباب الذي يذهب الى السينما بالوسائل المتاحة. اليوم حتى الهاتف الجوال شاشة. وقام بثورة في البلاد، وفي العالم بأسره. ويجب العمل على استثمارها لتعود بالنفع على البلاد والعباد. والسياسيون إذا أرادوا إنقاذ تونس، عليهم تحضير الجيل الجديد لأخذ المشعل. وهذا لا يكون إلا عبر الفكر والثقافة لا غير...