أولى مشاغل التونسيين هي بلا شك قضية المعيشة و غلاء الأسعار و ان كان من ملف مستعجل يطالب المواطن ان يكون في طليعة اهتمامات الحكومة القادمة فهو التحكم في الأسعار. وفي هذا الجزء الثاني من ملفات الشروق المخصصة لأولويات التونسيين. تونس الشروق: ينصح الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد صالح الجنادي الحكومة القادمة بالاعتماد على هذه المفاتيح للتحكم في الأسعار و التقليص من حدة التضخم... في ظل الفشل المتواصل الذي رافق سياسة الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ 2011 في التحكم في الاسعار، لم يجد المواطن التونسي من بد سوى التعويل على نفسه لمجابهة غلاء المعيشة. و فعلا، بات التونسي خلال السنوات الأخيرة اكثر حماسا بالانخراط في الحملات التي تقودها منظمات المجتمع المدني الداعية الى مقاطعة السلع الاستهلاكية التي شهدت ارتفاعا مشطا في مستوى أسعارها كاللحوم و البطاطا و البانان و التفاح و غيرها من المواد الاستهلاكية. و الحقيقة ان دعوات المقاطعة هذه ليست الا حلولا ظرفية لا يمكن ان تعوض باي حال من الأحوال تدخل الدولة من خلال خطط واضحة لترشيد الأسعار و حماية القدرة الشرائية للمواطنين. و حتى قرار تفعيل اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار الذي اتخذه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، في شهر نوفمبر 2018 لم ينجح في الحد من تواصل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. وبالاستئناس براي الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد صالح الجنادي يتبين ان التحكم في الأسعار و التقليص من حجم التضخم يمر عبر مفاتيح ينصح الخبير بان تعتمد عليها الحكومة القادمة لمقاومة ظاهرة غلاء المعيشة. الصناعات الكلية يقول الأستاذ الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي ان الوقت قد حان لإصلاح المنظومة الصناعية في تونس بالاعتماد على الصناعات الكلية موضحا « تعتمد الصناعات التونسية على التوريد لتامين حاجياتها من المواد الأولية كالقماش و اللوح و البلور و المواد الحافظة و المعقمة بالنسبة للصناعات الغذائية. و امام تدهور قيمة الدينار انعكس ذلك سلبا على سعر التكلفة في مستوى الإنتاج. و من الطبيعي ان تتأثر أسعار البيع بالتفصيل بهذا الوضع. و ليس امام الحكومة القادمة سوى خيارين فإما ان تنطلق في تطوير الصناعات التونسية من خلال التعويل على مواردنا المحلية من المواد الأولية و هذا يتطلب احداث منظومة لتشجيع المنتجين لهذه المواد او اعفاء قطاع الصناعات التحويلية من الاداءات الجمركية «. الى ذلك، يؤكد الجنادي ان الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في ارتفاع الأسعار خاصة بالنسبة للمواد الاستهلاكية المصنعة بطرحها كل سنة جديدة قوانين مالية لا تأخذ بعين الاعتبار الأعباء الجبائية التي تثقل كاهل الصناعيين معتبرا « اذا كان هم الدولة هو البحث عن توفير حياة كريمة لمواطنيها و هذا يمر حتما عبر قدرة هؤلاء على توفير حاجياتهم الأساسية فما على الحكومة الا ان تدفع باتجاه التحكم في تكلفة الإنتاج للتحكم بعد ذلك في أسعار البيع بالتفصيل و من ثمة التحكم في القدرة الشرائية للمواطن». الطاقة تعتمد مقاربة الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي للتحكم في الأسعار و حماية القدرة الشرائية للمواطن على الضغط على تكلفة الإنتاج من ذلك تكلفة الطاقة في المنظومة الاقتصادية بقطاعاتها المختلفة. و يقدر الخبير الجنادي العجز الطاقي في تونس بثلث الحجم الجملي لعجز الميزان التجاري لتونس، الذي تجاوز 19 مليار دينار خلال سنة 2018. هذا العجز يشكل بدوره عبئا إضافيا على كامل القطاعات الاقتصادية أي و بلغة مبسطة عادة ما ينعكس هذا العجز على كلفة الإنتاج و بالتالي الترفيع في أسعار البيع الذي يتحمله في النهاية المستهلك. و يقترح الجنادي على الحكومة القادمة تنويع مصادر الطاقة و التعويل تدريجيا على الطاقات البديلة من خلال إيجاد اليات لدعم الصناعيين و المنتجين في كافة القطاعات لتجهيز الوحدات الصناعية و الإنتاجية بمحطات لتوليد الطاقات البديلة و هو ما سيؤدي في النهاية الى التقليص من تكلفة الإنتاج و من ثمة الضغط على الأسعار عند البيع. تثوير المنظومة الفلاحية يرى الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد صالح الجنادي انه على الحكومة القادمة إعادة النظر بصفة جذرية في المنظومة المعتمدة الى حد الان في قطاع الفلاحة من خلال عودة الدولة الى لعب دور اسنادي لهذا القطاع. الى ذلك، يقترح الجنادي على الحكومة القادمة إعادة موقعة الفلاح و المنتج كحلقة رئيسية قوية في هذه المنظومة مضيفا « لا بد من انقاذ الفلاح و المنتج من براثين المحتكرين و انهاء العمل بنظام « التخضير « الذي بات الية تتمعش منها كل من له راس مال لمساومة الفلاح و المنتج من خلال شراء المحصول قبل جنيه. فالفلاح او المنتج لا يمتلك راس المال الكافي للتحكم في انتاجه بنفسه و عادة ما يفضل بيعه قبل جنيه لحاجته للمال. و هنا يستغل المحتكرون الفرصة للتحكم في كامل مسارات البيع و التوزيع و من ثمة التحكم في الأسعار. لذلك، بات ملحا إعادة النظر في دور الفلاح و المنتج بدعمهم ماليا و تقنيا حتى جني المحصول و تشجيعهم على التعامل مباشرة مع مسالك التوزيع الرسمية. هذا الامر يتطلب كذلك اعادة النظر في طرق عمل المندوبيات الجهوية للفلاحة و الإدارات الجهوية للتجارة و بعث مصالح للمراقبة و متابعة عمليات الإنتاج و التوزيع».