كشف المحلل السياسي الايراني ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران، أمير الموسوي في حوار بالهاتف مع «الشروق» من طهران ان الغرب هو من انقلب على الاتفاق النووي الموقع عام 2015 . تونس (الشروق) وأكد الموسوي ان ايران سترد على هذا «الانقلاب» بخطوات تصعيدية خلال الفترة القليلة المقبلة معتبرا ان طهران لا تسعى الى امتلاك الاسلحة النووية مثلما تؤكد الاطراف الدولية الرافضة للسياسة الايرانية. وفي ما يلي نص الحوار: برأيكم ماهي دلالات استئناف ايران تخصيب اليورانيوم؟ هل هي خطوة نحو امتلاك النووي ام مناورة للتفاوض مع القوى الدولية المؤثرة ؟ في البداية تخصيب الاورانيوم كان مستمرا وايران لم تقم باعادة التخصيب بل اضافت خلال الايام القليلة الماضية اجهزة طرد مركزي متطورة «آي آر-4» و «آي آر-6». وكذلك نشطت وفعّلت بعض المراكز الاخرى ك»أراك» و «فرودو» وطورت ما في موقع «ناطاز» من اجهزة .اذن هناك خطوات فنية مهمة قامت بها طهران طيلة الثمانية اشهر الماضية. وقد حذرت الدول الاوروبية قبل ذلك من مغبة عدم التزامهم وعدم تنفيذهم للاتفاق النووي الذين ابرم عام 2015 بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول خمسة زائد واحد الذي كان هدفه أن تكون جميع الاطراف ضمن معادلة رابح رابح . لكن الآن بعد تنصل الولاياتالمتحدةالامريكية وتمردها على هذا الاتفاق بخروجها منه في العام الماضي ، وكذلك بعد تماطل الدول الاوربية الثلاث فرنسا وبريطانيا والمانيا تماشيا مع السياسة الامريكية ، كل هذا جعل المعادلة تنقلب من رابح رابح الى رابح خاسر. وايران ترفض ذلك. لان ايران هي الخاسرة اذا التزمت بتطبيق الاتفاق من جانب واحد. يعني لا يمكن لإيران ان تلتزم والاخرون يتمردون ويتماطلون ويتنصلون على بنود هذه الاتفاقية. وايران في النهاية لا تسعى لامتلاك النووي لأنه محرم من قبل القيادة السياسية . هل كانت ايران متحسّبة لانهيار الاتفاق النووي منذ توقيعه سنة 2015 ؟ ايران لم تخالف نصوص اتفاقية 2015 بل ان الالية التي تعطي الحق لإيران لتنفيذ اي خطوات جديدة هما البندان 26 و 36 من الاتفاق النووي اللذان ينصّان على ان ايران من حقها ان تخفض التزاماتها اذا ما تماطل احد الاطراف في تنفيذ بنود الاتفاق النووي. وهذا الحق الان تستفيد منه لأنها استشعرت منذ البداية امكانية تمرد بعض الاطراف الدولية على بنود الاتفاق الموقع . ما هو موقف اوروبا بشكل عام من خفض ايران لبعض التزامات الاتفاق النووي ؟ الدول الاوروبية عاجزة ومتورطة الان. لأنها لا تستطيع ان تفعل شيء. فمن جهة لا تستطيع ان تخالف وتعاكس السياسات الامريكية المرسومة في هذا الاطار ، ومن جهة اخرى لا تستطيع ان تتعامل مع ايران ضمن الاتفاق النووي الموقع عام 2015 . إذن انت تعتبر ان امريكا واوروبا هما من انقلبتا على الاتفاق النووي وليست ايران. كيف ذلك ؟ اولا لا ننسى ان هذا الاتفاق النووي تم التصويت عليه في مجلس الامن الدولي بالإجماع .اذن هو اتفاق بين ايران ودول 5 زائد 1 لكنه تم كذلك بمصادقة مجلس الامن الدولي اي انه ميثاق دولي. لماذا الغرب تخلى عن الاتفاق ، وهذا الامر يدل على ان الدول الغربية لا تحترم حتى القرارات الدولية وقرارات مجلس الامن وتطالب الاخرين بالالتزام بذلك. وهذا في الحقيقة يدل على ان الغرب ينتهج سياسة الكيل بالمكيالين في تطبيق القانون الدولي حيث ينفذون ما ينفع مصالحهم ويتخلون عن التعهدات التي لا تنفعهم. وهذه السياسة ترفضها ايران جملة وتفصيلا . ماذا ستكون الخطوات التصعيدية التالية لإيران ازاء عدم تنفيذ الأوروبيين تعهداتهم؟ أعتقد انه بعد شهرين ستتخذ ايران قرارات صارمة ضد الغرب على المستوى السياسي والديبلوماسي. اعتقد انه سيتم اعادة التفكير في زيارات المفتشين الدوليين الى المنشآت الايرانية .كذلك اعتقد ان ايران قد تقطع تبادل المعلومات مع الغرب في عدة مسائل حساسة .وربما ستكون نتيجة هذه الخطوات انهيار الاتفاق النووي . كيف ستتأثر اوروبا بالخطوات التصعيدية الايرانية المرتقبة ؟ انهيار الاتفاق النووي سيضر بالمصالح الاوروبية بشكل كبير لان ايران تتعاون على هامش هذا الاتفاق مع الغرب في 3 ملفات رئيسية وهي محاربة الهجرة من شرق ايران. وكذلك محاربة المخدرات فايران سد منيع امام وصول المخدرات من افغانستان الى اوروبا. وكذلك تتعاون ايران مع الغرب في ملف محاربة الارهاب. ايران تعاونت مع الغرب في هذه النقاط الثلاث حفاظا على السلم العالمي والاقليمي لكن في المستقبل قد تلعن طهران فاتورة هذا التعاون وستطالبهم بان يدفعوا لقاء ذلك . ما هي شروط ايران للعودة الى الاتفاق النووي ؟ اذا التزم الغرب وعاد الى تنفيذ بنود الاتفاق النووي فان ايران ستعود في نفس اللحظة الى الاتفاق النووي وغير ذلك فان طهران ستتنصّل عن التزاماتها. وفي المستقبل ستكون سياسة ايران في هذا الملف على اساس المعاملة بالمثل اي كلما التزم الغرب بالاتفاق التزمت ايران به . البعض يقول ان هناك مفارقة كبرى في الملف النووي ، فبينما تمتلك عدة دول السلاح النووي يتم حظر ذلك عن طهران... لماذا ؟ اولا لا بد هنا من التذكير بأن قائد الثورة الإسلامية في إيران، الإمام الخميني قد حرم امتلاك الاسلحة النووية واسلحة الدمار بشكل عام لأنها تهدد الابرياء وتشكل خطرا على الطبيعة والبيئة .اذن النووي محرم لدى المشرع الايراني وكذلك لدى القيادة السياسية الايرانية. لكن هذا التطبيل والادعاء بان ايران تسعى الى النووي هو من اجل التغطية على موضوع اخر وهو انهم يريدون ان تكون كفة الكيان الصهيوني هي الاعلى في المنطقة وهذا ما ترفصه ايران ومحور المقاولة ...لا بد من تقزيم هذا الكيان المحتل وانهائه بكل السبل لانه كيان غاصب وليس له الشرعية في التواجد في المنطقة .