في الوقت الذي تتهيأ فيه البلاد لتشكيل حكومة جديدة تتسلم مهامها الصعبة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ارتفعت وتيرة التحريض والثلب قبل وبعد الإنتخابات التشريعية والرئاسية لتطال في هذه الفترة الإتحاد العام التونسي للشغل بعد ان شملت عديد الأحزاب والشخصيات الوطنية والحزبية. عدد من المنظمات أدانت هذه الحملات التحريضية واعتبرتها تشويها يشكل خطورة على المسار الديمقراطي الذي ولئن قطعنا فيه شوطا محترما، فإن الأشواط الأخرى مازلت صعبة المنال باعتبار ان الديمقراطية مسارا طويلا وكتلة لا تتجزأ. من مقومات المسار الديمقراطي حرية التعبير التي توصف بالمحرار الحقيقي والمقوم الأساسي لبناء مجتمع ديمقراطي على قاعدة قبول الرأي والرأي الآخر دون ثلب وسب وهتك للاعراض ومس من القيمة الاعتبارية للمنظمات العريقة والأحزاب التاريخية والناشئة منها. فاتحاد الشغل ليس مجرد منظمة نقابية تعنى بالدفاع عن منظوريها، بل هي مكون أساسي للمشهد السياسي والاجتماعي ساهم منذ نشأته في استقلال البلاد وبناء الدولة الحديثة في علاقة مد وجزر مع السلطة الحاكمة واضعا في اعتباره المصلحة العليا للبلاد. الإتحاد ليس فوق النقد، لكن دون الانخراط في حملات تشويهية تخضع لحسابات سياسوية أو إيديولوجية لمحاولة ضرب منظمة حشاد التي أثبت تاريخها النضالي انها لا تنكسر أمام عواصف التشويه وأمواج الثلب وهتك الأعراض. حملات التشويه باتت خبزا يوميا يقتات من فتاته من لا يملك مشروعا وطنيا أو رؤية عقلانية تعالج الأزمات العميقة والهيكلية التي تعاني منها البلاد، لتبدو هذه الحملات بدورها مشوهة لأصحابها وكاشفة لعورات مطلقيها الذين يصنعون الفرصة «ليعضوا» على خصومهم بالنواجذ. المشهد السياسي التونسي في ظل انتشار الحملات التشويهية والمعارك «الدنكشوتية» التي تحارب طواحين الريح بات مشوها للواقع ومثيرا لتقزز المواطن من الحياة السياسية برمتها، في حين أن البلاد تنظر تضافر الجهود والالتزام بمعايير النقد الموضوعي ل«أخلقة» المشهد السياسي الذي سقط في مستنقع هتك الأعراض انخرطت فيه صفحات «الملثمين» على الفايسبوك لتساهم في تلوث البيئة الحزبية في حين ان البلاد تحتاج إلى هواء سياسي نقي يمنح جرعة «اوكسيجين» يحتاج إليها الوطن. المطلوب اليوم، تنقية مناخات العمل السياسي والمنظماتي والجمعياتي، حتى نتجه جميعا مواطنون وأحزاب، إدارة ومنظمات وجمعيات وإعلام، نحو بناء وطن يتسع للجميع بمختلف مشاربهم وإيديولوجياتهم، وهذا لن يكون إلا بالنقد الموضوعي البناء بعيدا عن كل تجريح وتشكيك وضرب لمسار ديمقراطي تتهدده المخاطر والتشويهات يسوده ركام عنف لفظي وصخب صوتي لا يهدأ.