راشد الغنوشي رئيسا لمجلس الشعب ب"شفاعة من قلب تونس ودَ لو أنها لم تكن".. الحبيب الجملى رئيسا للحكومة في انتظار شفاعة أحزاب قبولهم للمشاركة في الحكومة جاء مشروطا... والجملي يعبر عن انفتاحه على كل الأحزاب مع اهتمامه بالمسائل الاقتصادية والأمنية... المهمة صعبة للغاية، أحزاب يقودها موقف عدم قبول الآخر... الآخر هنا هو ليس الدستوري الحر الذي لن يكون في الحكم لا محالة، بل في المعارضة وهذا أمر محسوم... لكن الإشكال في قلب تونس الذي "أنعش" صندوق راشد الغنوشي في مجلس الشعب وجعله يدير ظهره للتيار والشعب مستفيدا من أصوات الائتلاف الذي خرج من الصندوق وربما يخرج من الحكم إلى المعارضة، فشروط الائتلاف نابعة من موقفه في عدم المشاركة مع قلب تونس في الحكم، وعدم قبوله بجمع التيار الديمقراطي بين العدالة والداخلية، وهي الحقائب التي اشترطها محمد عبو ليضيف إليها حقيبة الإصلاح الإداري.. حركة الشعب، تجاوزت الحديث عن " حكومة الرئيس" في موقف بدا انه استوعب الدرس من صعود الغنوشي على رأس مجلس الشعب دون تزكية من "الشعب"... ولا التيار، بل قلب تونس الذي كان معزولا سياسيا قام بالواجب وأكثر، وغنم بصمت النيابة الأولى بعد أن كان " منبوذا " في تقدير النهضة... رئيس الحكومة المرتقب عليه أن يستحضر كل هذه الحسابات والمناورات ليشكل حكومة " تجمع ولا تفرق"، تكون محل رضا المنظمات التي لم تكن راضية عنه، فلا هو الخيار الأفضل باعتبار ان للنهضة كوادر أعلى، لكن مجلس الشورى المتحكم في سلطة البلاد من وراء الستار زكى الجملي وطلب منه السير على الحبال... النهضة قالت للجملي " خذ الكتاب بقوة " وعليك ان تنجح فيما فشلنا فيه، لم نقدر على تجميع الأحزاب المحسوبة على الثورة لتزكية راشد الغنوشي لرئاسة المجلس، لكن عليك أن تجمعها لتضمن لنفسك رئاسة الحكومة... وهذا هو مشروع برنامجنا وعليك أن تحوله إلى "مائدة" تكون لكل الأحزاب عِيدا لأولهم وآخرهم ". حركة النهضة "أنزلت عليه المائدة" لكنها لم تقل له أن مائدتك فارغة... فالظروف المالية والاقتصادية صعبة... وسقف المطالب مرتفع... والشعب يريد... والصناديق المانحة تريد... والمنظمات تريد... والأحزاب تريد... بل الكل يريد وعليك أن تلقي يا جملي بعصاك لتستجيب لكل من يريد... «المهندس الفلاحي» عليه أن يحول الأراضي الجدباء والصحارى القاحلة إلى حدائق غناء... عليه أن يصنع بستانا ويغرس في البحر زهرة... هو "مهندس" وعليه أن يبرهن انه كذلك فعلا... عارف بالمد والجزر وحركة النجوم والجاذبية والحسابات الدقيقة التي تضعها كل الأحزاب شرط المشاركة في حكومة لن تسلم من المحاصصات... حكومة لن تتوقى من حمى انتقادات معارضة قد تكون أقوى منها...