تونس (الشروق) رياح الغضب والتغيير تجتاح العالم الفترة الأخيرة ثورات شعبية عارمة جانب منها اقتصادي وآخر سياسي ويكفي شرارة صغيرة في هذه الايام لإشعال نار الاحتجاجات، وسقوط أنظمة وحتى دول وغرقها في المجهول. فمثلا في لبنان، ما أن تردد أن تطبيقة واتساب لم تعد مجانية حتى تحرك الشارع في لبنان، واجتاح الساحات العامة، مظاهرات عارمة أطاحت بحكومة الحريري ولاتزال تريد المزيد. أما في تشيلي فكان السبب زيادة في تذكرة المترو، لإشعال مظاهرات غاضبة توسعت لتشمل التنديد بالتفاوت الاجتماعي وانخفاض الأجور وارتفاع تكاليف التعليم والرعاية الصحية. ويبدو أن كثيرا ممن يحتجون هم أناس يشعرون منذ فترة طويلة بحرمانهم من ثروات بلدانهم وكانت الأسباب في كثير من الحالات هي ارتفاع أسعار الخدمات الأساسية أو حتى الثانوية. ويعود أهم سبب في عدد من الاحتجاجات الى فساد الحكومات، وتفشي الثراء غير المشروع والتوزيع غير العادل للثروات مما يجعل الطبقة الوسطى والسفلى للشعوب تنهار وتثور ضد السلطة. أما السبب الآخر فهو سياسي على غرار اسبانيا التي مازالت محاولة انفصال إقليم كاتالونيا، الغني والواقع شمال شرق البلاد، تتسبب في أسوإ أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ نهاية حقبة ديكتاتورية فرانكو عام 1975. بينما في الجزائر لا تزال البلاد تشهد مظاهرات مستمرة ضد الحكومة للجمعة ال 40 على التوالي، ضمن فعاليات الحراك الشعبي الأسبوعية، حيث يواصل المتظاهرون مطالبتهم برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومحاربة الفساد. ويشير التفسير الديموغرافي إلى أن الاحتجاج هو، إلى حد كبير، نشاط للشباب، حيث يبلغ متوسط عمر سكان المعمورة أقل من 30 عامًا، في حين أن ثلث السكان تقل أعمارهم عن 20 عامًا. الملاحظ أن أغلب الدول التي مزقتها الأزمات الاقتصادية، لديها أنظمة رأسمالية شمولية تتعرض لخطر الانهيار بسبب زيادة الفقر والبطالة الجماعية وتصاعد عدم المساواة واستشراء الفساد. وبين ما هو اقتصادي وما هو سياسي، يبدو أن العالم مقبل على تحولات عميقة قد تحيل نظام الرأسمالية الى الرفّ، باعتبار أنها دخلت في دائرة الأزمات المستمرة وفي وضعية إدارة الأزمة دون التفكير في إمكانية حلها. فهل هذه الاحتجاجات مجرّد غضب عن الحاكم أم رغبة حقيقية للتغيير؟ الاحتجاجات تغزو العالم احتجاجات مطلبيّة ومظاهرات واسعة النطاق تشهدها حاليّاً مختلف دول العالم، تظاهرات كبيرة مستمرة منذ أشهر، فيما دخلت دول جديدة على الخط، معظم هذه الحركات الاحتجاجيّة تشترك في الكثير من النقاط، ليس فقط لكونها تحدث بالوقت نفسه، وإنما لتشابه المطالب والأهداف، فما دوافع الشعوب خلف هذه الموجة الاحتجاجية؟ و ما سر غضب الشعوب؟ من أوروبا الى أمريكا ثم اسيا وافريقيا، اجتاحت المظاهرات أغلب القارات، وبين دافع سياسي وآخر اقتصادي اجتماعي ثارت عديد الشعوب وزلزلت عروش الحكام. فرنسا وحراك «السترات الصفراء» لاتزال قوات الأمن في باريس تواجه كل سبت متظاهرين من حركة «السترات الصفراء» الرافضين لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون الاقتصادية، والسبت الماضي أحيت الحركة الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات التي بدأت في هذا البلد وانتقلت عدواها لدول أوروبية. وأوقفت الشرطة أكثر من مائة متظاهر، وحاولت بعض مسيراتهم قطع طرق تربط باريس بضواحيها. التشيك خرج مئات الآلاف من المواطنين في التشيك إلى شوارع براغ في واحدة من أكبر الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ سقوط النظام الشيوعي، داعين رئيس الوزراء أندريه بابيس إلى التنحي، وذلك عشية الذكرى الثلاثين للثورة المخملية. برشلونة والانفصال عن إسبانيا في القارة الأوروبية؛ مازالت محاولة انفصال إقليم كاتالونيا، الغني والواقع شمال شرق البلاد، يتسبب في أسوإ أزمة سياسية عرفتها البلاد منذ نهاية حقبة ديكتاتورية فرانكو عام 1975. ومنذ إجراء استفتاء عام 2017، الذي جرمته المحاكم الإسبانية، وإعلان استقلال الإقليم بعد ذلك، تندلع التظاهرات من وقت لآخر كما تشهد أعمال عنف كبيرة في الشوارع. هونغ كونغ ومظاهرات لا تتوقف في هونغ كونغ؛ يختلف الوضع قليلاً عن غيرها من الدول التي تشهد مظاهرات واحتجاجات شعبية، فالسبب المباشر الذي أطلق المظاهرات كان سياسيًا، وليس اقتصاديا، حيث كانت الحكومة المحلية تدرس مشروع قانون لتسليم مطلوبين أكانوا من هونغ كونغ أو حتى من خارجها إلى الصين، وهو ما أدّى إلى إثارة مظاهرات شعبية واسعة على مدى عدة أشهر. تشيلي تتواصل في تشيلي مظاهرات حاشدة بعدما أبرمت الأحزاب السياسية اتفاقا في البرلمان لتنظيم استفتاء في أفريل 2020 حول دستور جديد. وتعد هذه الاحتجاجات امتدادا لحركة احتجاج بدأت قبل ثلاثة أسابيع بسبب زيادة أسعار بطاقات المترو، ثم توسعت لتشمل التنديد بالتفاوت الاجتماعي وانخفاض الأجور وارتفاع تكاليف التعليم والرعاية الصحية. ومع أن صياغة دستور جديد تعد من المطالب الرئيسية للمحتجين، فإن المحتجين استقبلوا الاتفاق الجديد بالتشكيك، مطالبين بحل مشاكلهم المعيشية أولا. الإكوادور تتظاهر ضد إلغاء الدعم ليس ببعيد عن تشيلي؛ واستمرارًا لمسلسل التفاوت الكبير في الثروات واتخاذ الحكومات لمواقف ضاغطة على الظروف الاقتصادية للشعب، بدأت التظاهرات في الإكوادور مع مطلع هذا الشهر، إذ أعلنت الحكومة إلغاء دعم الوقود، الذي استمر على مدى عقود. بوليفيا تحتج رغم تنحي موراليس لأسباب سياسية ،ما زالت البلاد تعيش اضطرابات خانقة بعد إعلان فوز الرئيس إيفو موراليس بولاية رابعة، ومع أنه استقال من منصبه لتهدئة الشارع وانتقاله إلى المكسيك فإن البلاد ما زالت تضج بالاحتجاجات العنيفة. وقُتل مؤخرا خمسة مزارعين من مؤيّدي موراليس في اشتباكات مع الشرطة والجيش بالقرب من مدينة كوتشابامبا، وكان آلاف من المزارعين يحاولون الوصول للمدينة للانضمام لمظاهرة حاشدة. انتفاضة لبنان في لبنان، تداعى المتظاهرون للاحتجاج، بعدما تحدّثت الحكومة اللبنانيّة عن فرض ضريبة على خدمة تطبيق التواصل «واتساب» تقدر ب 6 دولارات شهريًا، وعلى الرغم من أنّ الحكومة ألغت الفكرة المطروحة بعد ساعات ثمّ أقرّت موازنة 2020 من دون أيّ ضرائب إضافيّة، إلا أن الحراك لم يتوقف، وأصبح المتظاهرون يطالبون برحيل النظام ومحاربة الفساد. العراقيون يحتجون ضد الفساد لا يختلف الحال في العراق كثيرًا عن ما يجري في لبنانوتشيلي والإكوادور، بل ربما الوضع فيه يشمل كل أشكال الفساد ، إذ يطالب العراقيون بإنهاء النظام السياسي الفاسد، والتخلص من تعيينات الحكومة القائمة على الطائفية، وليس على الكفاءة أو الأفضلية، كما أعلن المحتجون عن غضبهم من إساءة استغلال المال العام، ومكافأة السياسيين لأنفسهم، ومن يتبعونهم، بينما لا يحصل معظم المواطنين إلا على الفتات من خيرات هذا البلد النفطي الغني. إيران و«ثورة البنزين» خرجت مظاهرات حاشدة ومتفرقة في خمس بلدات تابعة للعاصمة طهران، كما شهدت مدن عدة، بينها عبدان والأهواز وبندر عباس وبيرجند وغشساران وماهشهر وشيراز، احتجاجات متفرقة بسبب اعلان الحكومة الترفيع في سعر البنزين مما اشعل احتجاجات غاضبة خلفت قتلى وجرحى. الحراك الجزائري متواصل لا تزال البلاد تشهد مظاهرات مستمرة ضد الحكومة للجمعة ال 40 على التوالي، ضمن فعاليات الحراك الشعبي الأسبوعية، حيث جدد المتظاهرون مطالبتهم برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومحاربة الفساد. وأكدوا أيضا رفضهم إجراء انتخابات رئاسية في ظل النظام القائم، في حين تصر السلطات على إجراء الانتخابات في 12 ديسمبر المقبل.