لن يتوقف قطار التطبيع في تونس مهما حدث، وطنيا واقليميا ودوليا ، ومهما كان حجم الضغوطات والإغراءات التي تمارسها الدول الداعمة للكيان الصهيوني والاطراف والمنظمات المالية الدولية المرتبطة بها. هذه مسألة محسوم فيها شعبيا ، ورسميا الى حدّ الان ، رغم أن خلايا متصهينة نائمة تحاول من حين الى آخر أن تطل برأسها وتعلن عن نفسها من خلال أنشطة وتظاهرات مشبوهة ، ثقافية أو رياضية أو جامعية ، يتخفى القائمون عليها ويتسترون تحت غطاءات متعددة ، وفق ما تقتضيه مرحلة التمكين المخطط لها في الخارج . قد يأتي يوم وتحاول السلطة القائمة الالتحاق بقائمة العرب المطبّعين للخروج من مرحلة « الجدب « الاقتصادي طمعا في وعود متزايدة بإعادة فتح حنفية الدعم والاستثمارات وخلق المشاريع ومواطن الشغل وترسيخ الاستقرار الاجتماعي والسياسي. قد تغري هذه الوعود الحكام فيركبوا قطار التطبيع و» سلام الشجعان « لكنّها لن تنطلي على شعب مازال مؤمنا بحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وهو ايمان راسخ لا تهزه ضغوط أو إغراءات مهما تعاظمت . صحيح ان النظام السابق فتح في اواخر تسعينات القرن الماضي مكتب اتصال في دولة الكيان الصهيوني ، بطلب فلسطيني في أعقاب مؤتمر أوسلو الداعي الى اقامة الدولتين ، لكنه سرعان ما أغلقه عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في خريف 2000 ، وليس بإمكان حكومة أخرى ، الآن وغدا ، أن تسبح ضد إرادة الشعب الرافضة للتطبيع . وصحيح أيضا أن السلط الحالية ، التي تؤكد تمسكها بأن التطبيع خيانة ، أغمضت عينيها أمام تظاهرات وأشخاص مارسوا التطبيع خفية وبطرق متسترة ، لكنها ورغم الضغوط و غياب الاستقرار السياسي والاجتماعي لن تقدر على مقايضة حل أزمتها الشاملة بتطبيع معلن أو خفي . ولا شك أن التونسيين ، شعبا ومجتمعا مدنيا، سيمثلون اخر جبهات الصد والرفض لمشروع التطبيع حتى اذا مضت فيه السلطة الحاكمة، باختيارها وتحت الضغط الدولي واللوبيات الاقتصادية الموالية لدولة الكيان الصهيوني . إن أحفاد المناضلين الذين اهتزوا سنة 1948 رافضين قرار غرس دولة بني صهيون في قلب فلسطين والذين التحقوا بالجيوش العربية في أكثر من حرب في مواجهة « اسرائيل « لن يتأخروا، كما كان دوما، في نصرة القضية الفلسطينية وحق العودة الى الوطن المغتصب وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحررة . ان الثوابت لا يمكن أن تهتز ، ويبقى التطبيع خيانة وجريمة مهما تغيرت الاوضاع الإقليمية والدولية ومهما كانت إرادة الحكام وخياراتهم لأن التطبيع مهما حدث لن يكون وجهة نظر. نجم الدين العكاري