بعد جولة مطولة في شرق آسيا ختمها ترامب بلقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ، يمكن القول إنّ واشنطن «الجمهورية» خسرت الحرب التجارية، بعد خسرت واشنطن «الديمقراطية « الحرب السياسية في الملف الأوكراني. أمريكا تخسر على كل الجبهات، و اللقاء مع الصين بين ترامب و شي، و الذي تم الإعلان في ختامه عن خفض الرسوم الجمركية في اكثر المواد المتبادلة بينهما، يعني أنّ الولاياتالمتحدة خسرت الرهان، في حرب الرسوم الجمركية مع الصين و هي تستسلم للإرادة الصينية التي لم تتزحزح قيد أنملة عن مواقفها و جرّت ترامب إلى قبول اللقاء المباشر بعد سيل الشتائم و الاتهامات التي وجهها للصين. الحقيقة أن لقاء ترامب مع شي، اتى في ظرفية حساسة جدا على المستوى الاقتصادي الأمريكي، فما يسمى الإغلاق الحكومي و العجز عن دفع الرواتب، مرتبط أساسا بارتفاع الدين الحكومي إلى مستويات لم يعد بإمكان الحكومة الأمريكية التفاعل معها. ومعلوم أن الصين هي واحدة من اكثر الدول الدائنة لدولة الولاياتالمتحدة، ولو عملت الصين بمبدأ سحب ديونها لكانت الكارثة الحقيقة قد نشبت في البلد الأقوى اقتصاديا إلى حد الآن. المسألة الثانية التي حفت باللقاء هو إعلان الاحتياطي الفدرالي عن خفض نسب الفائدة وذلك مفهوم من أجل تشجيع الاستهلاك فمنذ إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية ارتفعت الأسعار في الولاياتالمتحدة و بدأت مؤشرات التضخم تتصاعد ما جعل نسق الاستهلاك في العملاق الاقتصادي يتراجع، وعليه فإنّ استمرار ترامب في سياسة الرسوم الجمركية اليت قال عنها إنها مكنت الولاياتالمتحدة من جمع تريليونات الدولارات من كافة دول العالم تبيّن أنها مجرد شعارات لا تعكس حقيقة الواقع الاقتصادي في امريكا هو واقع متأزّم. السؤال هنا إذا كان ترامب قد اتفق مع شي على خفض الرسوم الجمركية، بين البلدين فهذا سيعني أن الولاياتالمتحدة ستعود للتفاوض مع الدول الأخرى ومع الشريك الأوروبي من اجل التفاهم على نسب جديدة ستكون بالضرورة أقل مما أعلنه ترامب في وقت سابق، وسيكون هذا الأمر نافذا مع القارة الإفريقية و الشرق الأوسط، خاصة أن المنافس الصين أعلن أنه مستعد لخفض الرسوم الجمركية لصادرات الدول الإفريقية نحوها إلى مستوى الصفر. وهي «خبطة سياسية» هامة جدا في الصراع مع الولاياتالمتحدة التي ستجد نفسها مضطرة للذهاب في هذا الاتجاه تحت وقع المنافسة مع الصين. الثابت أن أزمة الإغلاق الحكومي في الولاياتالمتحدة تؤشر إلى تغيرات اقتصادية هيكلية في الولاياتالمتحدة ستمسّ اساسيات هذا النظام المهيمن على العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. و محاولة ترامب فرض «دولة المجبى» على بقية دول العالم كانت محاولة فاشلة، لأنّ ترامب الذي لا يقرأ التاريخ لا يدرك أنّ الجباية مؤذنة بخراب العمران. أي أعلن كمال بالهادي