من نتائج دولة الفساد أنها ضربت وبلا هوادة كل القطاعات والمجالات وقد مهدت لهذا الاكتساح عن طريق فرض قوانين جائرة خدمت مصالح فئة باغية استغلت قربها من مراكز القرار وكرست جشع الرأسمالية المتوحش.
ولعل قطاع الصيدلة لم يشذ عن هذا الخراب إذ أن القانون الجاري به يخدم مصلحة فئة ضيقة حيث تتجلى في التضييق على محاولات فتح صيدليات جديدة الأمر الذي من شأنه الترفيع في الجودة الصحية وحل جذري للبطالة سواء من أهل الاختصاص أو التابعين له وحتى الأطباء فهناك عدة أطراف مستفيدة من هذا الوضع القائم تحاول إقناع الصيادلة الشبان والرأي العام وحتى الدولة أنهم يحافظون على حيوية هذا القطاع ويحاولون الترويج لبدائل اصطناعية أخرى كخطة صيدلي مساعد يتقاضى 700 د تتحمل الدولة منها 250 د ومن المفارقات أن هذه الخطة تنطبق على الصيدليات التي يبلغ إجمال تعاملها في السنة حدود ال 450 ألف دينار بعائد صاف 17 ٪ هذا إن كان الرقم المعلن عنه صحيحا هذا دون ذكر عائدات الحقن والضمائد والميزان وقيس الضغط والسكري ورغم هذا الوضع المأزوم نجد من يغير كل سنة صيدليته حتى يستفيد من دعم الدولة في حين أن هذه الأموال يمكن أن توجه إلى قطاعات أخرى ذات أولوية.
ويكشف المطلع على القانون المنظم لهذا القطاع كيف أن القدماء في هذه المهنة يزاحمون حتى الشباب في قائمة الانتظار التي تشكو بذاتها عدة ثغرات فكما هو معلوم للعموم إن إحداث صيدلية جديدة يعتمد على التعداد السكاني الذي هو بالأساس يعتمد على إحصاءات قديمة وبآلية تتجاهل عدد المقيمين الغير مرسمين بالمنطقة البلدية وعدد الوافدين من المناطق المجاورة ومن الدول الشقيقة قصد العلاج هكذا يبدو الفرق كبيرا بين الأرقام الواقعية والمعمول بها لذلك ينبغي التأكيد على أن هناك محاولات متعمدة لطمس هذه النسب وحتى لنسب البطالة باعتبار أنهم مدرجون بقطاعات أخرى و أن المشكلة تبقى في أنهم يدافعون وبكل شراسة عن هذا القانون ويعبترونه مكسبا لأنه يحمي مصالحهم 98 ٪ من بلدان العالم تنتهج حرية الترخيص حسب كراس الشروط في حين أن تونس تندرج في المنظومة التي تتنافى مع حرية مهنة الصيدلة باعتبارها قطاعا خاصا ورغم ذلك فنحن لا ندعو للفوضى لكن من المهم تركيز العدل أساس العمران ومراجعة هذه القوانين الجائرة.
وهذا البلد لن يعدم الأفكار والشباب القادرين على إصلاح هذا القطاع الحساس الذي همشت حيويته وإنسانيته وأصبح في وقت ما مجالا للتنافس اللا مشروع وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. صيدلاني