تتواصل الحركات الاحتجاجية في عديد الجهات لتتوّسع من البر الى البحر وتكشف غضبا شعبيا متزايدا عن الأوضاع السائدة وعن خيارات الحكومة وتأخر الإصلاح المنتظر. وفي المقابل تتكثف المساعي السياسية من الحكومة ورئاسة الجمهورية لتطويق الأزمة وإيجاد حلول لها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الاستحقاق الانتخابي المقبل ، الذي لم يتحدد موعده ونظامه بشكل نهائي.
ولا يبدو الأفق واعدا ، رغم حسن النوايا و التصريحات المتفائلة من الحكومة ومن أحزاب الترويكا، التي تعتقد أن الحل سيأتي من التحوير الوزاري المرتقب ومن إمكانية توسيع الفريق الحاكم الى أحزاب وكتل أخرى من مرجعيات مختلفة.
ولا يبدو هذا الحل قادرا على الإنقاذ، حتى إذا تم التقليص في تركيبة الحكومة وإعادة هيكلة وزاراتها عبر إدماج مجموعة من الوزارات في وزارة واحدة، أو تمت الاستعانة بكفاءات غير منتمية سياسيا، لأن معوقات عديدة ستطرح مرتبطة بقصر المدة الفاصلة بين المباشرة وتنظيم الانتخابات المقبلة وتعود الوزير الجديد على أجواء الوزارة وطرق عملها، والشروع في تنفيذ برنامجه وأفكاره، التي يتوجب بالضرورة أن لا تتقاطع مع برنامج الترويكا وطرفها القوي.
ولا شك أن تسمية الوزراء الجدد ستتم وفق محاصصة سياسية معلومة ، حتى وان كانت نسبة منهم مستقلة ومحسوبة على التكنوقراط، وهو ما قد لا يسهم في حل المشكل ، رغم الإقرار العام بأن أداء عديد الوزراء كان ضعيفا وأقل من التوقعات، ورغم أن التحوير لا يهم المواطنين ولا يمكن أن يحل مشاكلهم المتردية ولا مشاكل البلاد المتعددة.
ولا يبدو في الأفق من حل غير حوار وطني لا يقصي أحدا يتم من خلال ضبط حلول عاجلة لمشاكل الناس بالتخفيض في أسعار المواد الغذائية وكلفة الحياة وضبط أولويات المرحلة القادمة بتهيئة مناخ للعمل والاستثمار من خلال التهدئة وفرض الاستقرار الذي يعد محركا للتنمية، وخاصة الاتفاق حول مواعيد الانتخابات القادمة والانتهاء من الدستور والإعلان عن تركيبة هيئات الانتخابات والإعلام والقضاء، بما يوضح الصورة للداخل و الخارج ويؤكد أن مسار الانتقال الديمقراطي سالك رغم التعثرات.