تمضي ثورتنا المجيدة بانجازاتها العتيدة.. ونتكتل من أجل جمهوريتنا «الجديدة»، وننهض بشعبنا تحت شمس ثلاثية الأشعة.. ونرى بريق الآمال نائمة بين الياسمين الذي قطفناه قبل سنتين.. فالدستور على وشك أن يُنقل من مسودة إلى أختها، وأعمار الدساتير من عمر اصغر من يكتبها، بهِمّة من باع عنزاته، وبسخاء من يصرف راتبه «المتواضع» في البرّ والإحسان .. والوفاق حققناه بالطوب والحجارة، وبالحرق والإتلاف، وبعض من سلاح نُعِدّه ليوم الحسم وإعلان الخلافة الراشدة.. والتنمية بالجهات فاقت سرعتها خطى السلحفاة.. وقفة المواطن أصبحت خفيفة، رأفة بحاله، وحفاظا على حُرّ ماله، ودرْءا لتبذير عياله. أيها السادة.. أيها الساسة.. اعلموا أننا شعب نضج حد الاحتراق.. وأننا مللْنا دورانكم بنا من شِعب إلى شِعب، ومن وادٍ إلى جبل، وكأننا في دولاب «البرّوطة»، لا يكلّ الجمل فيها ولا يملّ.. نشكر لكم حرصكم على الشرعية ونحترمها.. لكن إلى متى سنظل نلهث وراء دستوركم وانتم تتناحرون حوله وتريدونه من ألف فصل وفصل ؟ والى متى ننتظر مواعيدكم تُنقل من الربيع الى الخريف ؟ إلى متى سنظل ننتظر انجازات حشدكم الوزاري، ونُنفق من اجله دما بدأ في عروقنا يجفّ ؟ إلى متى ستظلون تتوزعون المناصب والمكاسب وتجتمعون بليل لزيادة الرواتب ؟
تحرك إخوتنا السلفيون الذين يذكروننا بشبابنا.. احترمنا رأيهم، فأرادوه لنا شِرعة ومنهاجا شئنا أم أبينا.. تحرك حماة الثورة «الأشاوس»، يفدونها بالغالي.. وأزهقت أرواح، وكُسرت أنوف، وقلتم هذا في حماية الثورات مألوف.. أوقفتم النضال على جزء مختار رضي الله عنه من أبناء شعبنا، وتَسْعوْن الى محو تاريخ كامل من تضحيات أزاحت الطاغية ومنحتكم الكراسي..
قد يكون بعض ما حصل خارجا عن إرادتكم وحساباتكم.. لكننا أدركنا وشبعنا إدراكا بأن الكثير مما نشهده، ونحن نسير القهقرى، تدبير بليْل.. عملية إلهاء وراء أخرى.. بعظيم القضايا وتافه الرزايا.. قنبلة دخان، تليها أخرى صوتية، تشد لها الأنظار فترة وتلهي الناس عن تنمية تتعثر وبعض الآمال تتبخر.. تدوير لمشاكل وخلافات قاتلة وبعضها مصطنع.. وآخرها قنبلة التحوير وما صحبها من هالة لقاءات حوار، وحولوها الى التأسيسي لهدف مقصود..هل نحن بحاجة إلى استبدال وزير بوزير؟ أم نحن بحاجة إلى انتهاج سياسات جديدة تخدم المستقبل والمصير؟
رعاكم الله يا سادة .. التاريخ لا يرحم.. وللشعب طاقة تَحَمّل تتحكم فيها كرامته وقُفّتُه، وهو لم يستردّ بعدُ كرامته المنسوجة بالدم، وقُفّته على وشك أن تصبح نظيفة خفيفة.. ما وصلنا إليه تحت شمسكم ثلاثية الأشعة لم يكن بمستوى التضحيات.. ولا تدوير الأزمات ولا التحوير ينقذنا من تكبيل البلد بالديون.. انسوا المناصب والمكاسب وصَفّوا النوايا من اجل هذا الوطن.. واعلموا أن عيوننا ساهرة، مهما بدت لكم غافية.. التدوير لن يدوّر عقولنا.. والثورة ليست طريقا إلى السلطة، إنما هي لتحقيق تطلعات وآمال.. شكر الله سعيكم.