بعد أن دعت حركة النهضة الى تنظيم مسيرة مليونية لكن المشاركين فيها الذين احتشدوا بشارع الحبيب بورقيبة يوم السبت الفارط في حدود الآلاف فلماذا فشلت «المليونية»؟ سعت حركة النهضة الى حشد أنصارها للحضور من مختلف أنحاء البلاد في مسيرة أرادوها «مليونية» وللدفاع عن «الشرعية» ولكن الحاضرين في شارع الحبيب بورقيبة قدروا في حدود بضعة آلاف فلماذا فشلت المليونية ؟ وهل فقدت الحركة شعبيتها ؟
يفسر قيس سعيد(أستاذ في القانون ومحلل سياسي) فشل حركة النهضة في تنظيم مسيرة مليونية واقتصار الحضور على بضعة آلاف بأن العديد من مناضلي الحركة لم يشاركوا في المسيرة لأنهم لم يجدوا أي مبرر لذلك وقال «هؤلاء لم يستشعروا أن حركتهم في خطر ولم يقتنعوا بأنه يوجد ما يدعو فعلا للمشاركة فيها ورغم ما أبدته قيادات النهضة من حرص على تنظيم المسيرة فإن العديد منهم لم يستجيبوا ولم يكن لديهم رغبة بضرورة الانضمام اليها .
من الأسباب الأخرى التي تفسر ضعف ومحدودية المشاركين في التظاهرة ربما سوء اختيار التوقيت المناسب فقد تم تنظيم المسيرة بعد حوالي أسبوع من التجمع الذي حصل بمناسبة موكب جنازة المرحوم شكري بلعيد فكأن الأمر يتعلق برد على هذا التجمع بتجمع مثله.
واعتبر أن الشعارات التي رفعت في المسيرة تعكس الاتجاه السائد خاصة لدى قيادة حركة النهضة وعدد من الحركات الأخرى القريبة منها والمتحالفة معها وهذه الشعارات تدل كلها على رفض أي حل خارج المؤسسات الحالية وخارج الشرعية التي أفرزتها الانتخابات.
فهي دعم بالأساس للمواقف التي أعلنتها قيادات الحركات المذكورة خاصة في ظل تواصل المشاورات حول التحوير الوزاري وبقطع النظر عن الأرقام والشعارات والخطب فان هذه المسيرة تعكس درجة الانقسام السائد داخل الشارع التونسي.
اعتبر محمد القوماني (الأمين العام لحركة الاصلاح والتنمية) أن المسيرة لم تفشل وكل ما في الأمر أن شعار التظاهرة «المليونية» يحتوي على نوع من التأثر والقياس الصوري على مسيرات المصريين واذا استحضرنا أن القاهرة تعد حوالي 25 مليون ساكن يجوز أن تكون فيها مسيرة مليونية أما تونس فعدد سكانها محدود ولا يسمح بمثل هذه المسيرة, وحتى اذا تم الحشد من داخل الجمهورية فان العزوف عن المسيرات والعمل السياسي آخذ في التزايد ومن المواضيع التي تحتاج الى التفكيك والمعالجة من قبل السياسين.
«في الانتخابات السابقة لم يسجل سوى مليون ونصف وربما في الانتخابات القادمة ستكون المشاركة أضعف من المرة السابقة.» وأضاف «مسيرة يوم السبت التي دعت اليها النهضة مسيرة حزبية ناجحة بالمنظور الحزبي والمنظور التونسي لأن من لبوا الدعوة جاءوا من مختلف الجهات وكانت شعاراتهم أقرب الى رد الفعل على التشنج والمناكسة التي شهدتها المسيرات التي تلت اغتيال المرحوم الشهيد شكري بلعيد تظل في حدود عشرات الآلاف وليست مليونية .
والعبرة في المسيرات ليس في من يحشد أكثر لأن الشعب يعبر عن اختياره السياسي من خلال الانتخابات وليس من خلال المظاهرات وما يشد انتباهي في المسيرات قبل وبعد الثورة أنها مسيرات حزبية الى حد كبير وأن التونسيين والتونسيات من غير المنتمين حزبيا نراهم يجلسون بالمقاهي أو يمرون دون اكتراث وهذا ما يجعل اللامبالاة السياسية أو منسوب من يعزفون عن هذه المسيرات كما في المسيرات الأخرى يرفع شعارات الوحدة الوطنية ولكن الخطاب المتشنج لا يساعد على تحقيق ذلك.»