يعتقد كثير من التونسيين أن باستقالة حمادي الجبالي والاتجاه الى تشكيل حكومة جديدة ، وبغض النظر عن انتماءات رئيسها ووزرائها، انتهت الأزمة التي عاشت على وقعها تونس أشهرا. وفي الحقيقة فان هذا الاعتقاد السائد هو رجع صدى لخطاب مغلوط تم تسويقه للرأي العام الوطني والدولي ومفاده أن التغيير المنشود ومشاكل الفترة الانتقالية مرتبط بالتحوير الوزاري وأن الحكومة الجديدة ستكون مهمتها الأساسية قيادة البلاد من المرحلة الانتقالية الى المرحلة الدائمة وتنظيم انتخابات عادلة وشفافة.
فانتخاب حكومة جديدة سياسية كانت أو ممزوجة بين السياسيين والكفاءات لن يكون بإمكانها فعل أي شيء إذا لم تكن مسنودة من كل الأحزاب وبقية مكونات المجتمع المدني ، على أرضية وفاق حول برنامج وخارطة طريق تهم مواعيد الانتخابات القادمة وانتهاء صياغة الدستور والمصادقة على المجلة الانتخابية وتكوين هيئات الانتخابات والقضاء والإعلام ومعالجة مشاكل العنف السياسي والتهديدات الأمنية على الحدود بما يخلق مناخ تهدئة واستقرار يمكن من استئناف العمل ودعم الإنتاج.
إن التونسيين والأجانب ينتظرون رسائل طمأنة تؤشر على وجود تصورات واضحة وعملية للخروج من الأزمة الشاملة التي سقطت فيها البلاد ، وقد تكون أبرزها تقديم برنامج لإصلاح الوضع الاقتصادي الذي أصبح ينذر بخطر الإفلاس في ظل تزايد نسبة التداين وتراجع نسب الترقيم السيادي وضعف قدرة الوجهة التونسية على جذب السياح والاستثمارات والاقتراض.
ولا يمكن أن نحلم بحلول قريبة للأزمة مادامت الأحزاب السياسية متمسكة بتشدد بأفكارها وترى خصومها ومعارضيها انقلابيين أو دعاة ثورة مضادة عوض التعاطي معهم بمنطق شركاء الحاضر والمستقبل ، والتحاور معهم بلا شروط ودون مكابرة إعلاء للمصلحة الوطنية التي تنحني تحتها كل الأحزاب الأغلبية منها والأقلية وأيضا حماية للثورة التي قد تنتكس أحيانا بفعل خيارات أبنائها ودعاة حمايتها .