التغيير على مستوى تركيبة الحكومة ونسبة التجديد التي لحقت العديد من أعضائها يطرح بجدية مدى حاجة الساحة السياسية الوطنية الى ضخ دماء جديدة والتخلي عن الاسماء والوجوه التي ملها الرأي العام. يبدو أن الشعب التونسي أصبح يشعر بالملل لا بسبب كثرة انتظاره لتشكيل الحكومة وكثرة الوعود فحسب بل أيضا بسبب اقتصار المشهد السياسي سواء في السلطة أو في المعارضة على وجوه وشخصيات بعينها تهرأت وأصبحت مستهلكة.
عن مدى حاجة الساحة لوجوه جديدة أكد عادل الشاوش(القيادي في حركة نداء تونس) أن العديد من الشخصيات السياسية لكثرة حضورها في بلاتوات وسائل الاعلام ولانخراطها في التجاذبات والخصومات أصبحت مستهلكة وهذا ينطبق على لطفي زيتون وبعض وجوه المعارضة.
وقال: « نحن في حاجة الى ضخ دماء جديدة والى رجال سياسة متعقلين ومسؤولين وقيادات قادرة على التأقلم مع متطلبات الانتقال الديمقراطي وتستجيب لطموحات الشعب».
كما دعا السياسيين الى اتخاذ العبرة مما حصل للبعض وتفادي الظهور المكثف والتجاذبات. بدوره أقر جوهر بن مبارك (ناشط حقوقي ) بأن العديد من الوجوه السياسية في تونس تم استهلاكها وقال «نحن بحاجة فعلا الى تجديد الساحة فالطبقة السياسية مهترئة وعاجزة على مواكبة التطورات والتحولات التي تحدث في المجتمع وللأسف حتى بعد الثورة التي علقت عليها الفئات الشابة آمالا كبيرة لم يتحقق أي شيء بل توجد محاولات من قبل البعض لتضييق الخناق على الشباب».
وأضاف «التجربة أكدت أن المجتمع التونسي سابق لنخبه وطبقاته السياسية والثورة التونسية لم تنجب الى حد الآن نخبتها السياسية»، وطالب بضرورة اعادة الاعتبار للشباب وافراز طبقة سياسية مؤمنة بالثورة وحاملة لمبادئها ومتبنية لأهدافها.
واعتبر محمد قوماني(الأمين العام لحركة الاصلاح والتنمية) أنه من التداعيات السلبية للأزمة السياسية في علاقة بالتعديل الحكومي ثم تشكيل الحكومة اختراق الحالة الاستقطابية مما أدى الى اضعاف الخط الوسطي وخلق صعوبات اضافية أمام تنظمه وتوحده. وتابع: «ثانيا اضعاف الخط الوطني لأن الصراع المفتوح حول الحكم يجعل الأطراف القوية تبحث عن سند موضوعي لها في الخارج ويتيح مناخا سياسيا يسمح بحشر أطراف خارجية في الصراع الداخلي.
وهذا الوضع الجديد يجعلنا نقدر بأن الساحة السياسية في تونس مازالت مقدمة على تطورات كبيرة وأن تشكلها السياسي النهائي مازال قابلا للتطور. ومن هذا المنطلق نحن نقدر أن الساحة ستفتح المجال لقيادات سياسية جديدة على حساب كثير من القيادات الحالية المستهلكة في الحكم وفي المعارضة ونقدر أن الخيارات الاجتماعية والدفاع الفعلي عن المهمشين اضافة الى الاستناد الفعلي الى الثقافة العربية الاسلامية والتجذر في العمق الوطني والتفاعل الايجابي مع خيار الممانعة والمقاومة على المستوى العربي والدولي هذه العناوين ستلعب دورا حاسما في أي تشكيل سياسي جديد وفي مدى اشعاع أي قيادات ستظهر لاحقا».