فجأة طفت على السطح العديد من القضايا والمشاغل الاجتماعية وتقلص هامش المسائل السياسة فماذا يخفي هذا التحول؟ منذ فترة وبالتحديد منذ تشكيل الحكومة أي حكومة علي لعريض برزت المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بأكثر حدة وتفوقت على القضايا السياسية ، وعن موقف السياسيين وتفسيرهم لهذا الانقلاب في الأدوار شدد محمد جغام على أهمية النقاش والتحاور في المسائل الاقتصادية والاجتماعية وبالأخص ايجاد حلول جذرية لتفادي تأثيراتها . وأضاف «كل الأحزاب السياسية والجمعيات الناشطة في المجتمع المدني مدعوة الى الانخراط في عملية التحسيس والتوعية والمساعدة في ايجاد مخرج لها ومعالجة العاهة ولا يتم ذلك الا بالحوار الوطني وبالتوافق.»
وأكد على أن بعض الأطراف في السلطة تسعى لاستغلال هذه القضايا الاجتماعية للتغطية على الاستحقاقات السياسية وخاصة الدستور والقانون المنظم للانتخابات والهيئات التعديلية وتحديد موعد الانتخابات .
محمد الحامدي (قيادي في العريضة الشعبية) اعتبر أن الاهتمام بالجوانب الاجتماعية أمر ايجابي لانها بقيت مهمشة لفترة طويلة . وقال: «المواطن لا يتحمس كثيرا» للمسائل السياسية بقدر ما يتحمس للشغل وغلاء المعيشة والأمن وغيرها .» وأشار أن نجاح المسار السياسي لا يمكن أن يتم الا بتحسين الظروف الاجتماعية ومقاومة الفقر وغلاء المعيشة والعنف .
ويؤكد عادل الشاوش (قيادي في حركة نداء تونس) أن الاهتمام بالقضايا الاجتماعية على حساب القضايا الأخرى أمر طبيعي لأن المبادئ التي قامت من أجلها الثورة وهي الشغل والكرامة والعدالة الاجتماعية مازالت تراوح مكانها.
وأضاف «توجد علاقة جدلية بين المجال السياسي والاجتماعي ولا يمكن أن نحقق الديمقراطية ونكمل المسار الانتقالي دون أن نعالج مسائل الفقر والبطالة والعنف، كما أن المناخ الديمقراطي السليم يشجع على الاستثمار وتنشيط الدورة الاقتصادية».
أما مصطفى جويلي (خبير في الاقتصاد وعضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد) فقد أشار الى أن الثورة اندلعت من اجل الشغل والكرامة واعادة توزيع الثروة توزيعا عادلا وتحقيق العدالة الاجتماعية ولكن الحكومات المتعاقبة حاولت الالتفاف على المطالب وتعويمها.
وأكد «التونسيون ملوا الوعود والانتظار وفشل أداء الحكومات لذلك نجدهم يحرصون على طرحها للنقاش .» واعتبر أن حل القضايا الاجتماعية والاقتصادية يساهم في تخفيض الاحتقان والتوتر وتوفير ظروف ملائمة لانتخابات نزيهة وشفافة وهو ضمانة من ضمانات نجاح المسار الانتقالي الديمقراطي.