هل خلقت لجنة التحقيق في أحداث الاعتداء على ساحة محمد علي أزمة ثقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة؟ ربما فوتت حكومة علي العريض على نفسها فرصة تثبت فيها «حسن النوايا» حين فشل الوصول الى وفاق بشأن التقرير النهائي للجنة التحقيق في أحداث الاعتداء على اتحاد الشغل بمناسبة احياء ذكرى اغتيال الزعيم فرحات حشاد.
الحقيقة أن بعض المراقبين كانوا يدركون منذ البداية أن الوصول الى وفاق بين اتحاد الشغل ووفد الحكومة في لجنة التحقيق سيكون صعبا للغاية ففي كل الاحوال هناك أطراف لا يمكن لها أن «تضحي» بلجان ورابطات حماية الثورة من أجل ارضاء الاتحاد العام التونسي للشغل.
ماكينة
هناك أطراف لا تزال ترى في لجان ورابطات حماية الثورة «ماكينة» التحرك خاصة في الاستحقاقات القادمة ولا يمكن لها أن تتغافل عن الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك الرابطات وتلك اللجان ميدانيا رغم أن الكثير من معطيات الواقع قد تغير الآن ورغم أن الشارع التونسي في كل الأحوال عما كان عليه قبل انتخابات 23 أكتوبر. لكن المسألة تبدو مختلفة بالنسبة الى الاتحاد العام التونسي للشغل وخاصة بالنسبة الى قيادته التي حكمت الكثير من العقل حين تخلت عن قرار الاضراب العام وقبلت الجلوس مع الحكومة في لجنة واحدة من أجل الوصول الى الحقيقة.
المسألة بالنسبة الى الاتحاد العام التونسي للشغل هي مسألة اعتبارية خاصة تجاه القواعد وتجاه الهياكل وقيادة الاتحاد كانت منذ البداية تدرك وتعرف الجهة التي تورطت في الاعتداء. وبشكل صريح وجه الامين العام حسين العباسي اتهاما مباشرا إلى لجان ورابطات حماية الثورة وأعلن أن الاتحاد سيقدم الى اللجنة كل الأدلة وكل المؤيدات.
أزمة
أزمة الثقة بين الحكومة واتحاد الشغل ستكون كبيرة إذا اضطرت قيادة الاتحاد الى اصدار التقرير من جانب واحد وفي ذلك دلالات كبيرة ومعان كثيرة. كان ذلك اللقاء الذي جمع قيادات من الاتحاد وأعضاء من الحكومة بين علي العريض (عندما كان على رأس وزارة الداخلية) في بيت مستشار رئيس الحكومة الحبيب كشو في أحد أحياء العاصمة وراء الوصول الى حل جنب البلاد الدخول في اضراب عام كان سيكون الثاني بعد اضراب الخميس الاسود في جانفي 1978... حينها أثنت قيادات الاتحاد على دور علي العريض وتفهمه للأمر وتم امضاء اتفاق بين الاتحاد والحكومة أثار بعض الغضب داخل هياكل الاتحاد لكن قد يجد الاتحاد نفسها مرة أخرى في نفس الموقف.
سياسة
لا يُخفي الملاحظون أن الأمر يتجاوز مهمة لجنة تحقيق في أحداث عنف ليكون في قلب التجاذبات السياسية القائمة الآن وهناك أطراف لا تزال تراهن على تهميش دور الاتحاد وتقليم أظافره وأن الوقت لم يحن بعد للتخلي عن لجان وحماية الثورة. فالحكومة تدرك حقيقة من اعتدى ومن بادر بالاعتداء لكن التجاذبات السياسية القائمة قد تغير أعمال ونتائج لجنة التحقيق...