كان ظهور الأخ الكريم سالم كردون القرقني الصفاقسي التونسي ذي الستّ وستّين سنة، لافتا ومقنعا ومحزنا!... محزنا لعدم حضور سالم كردون الذي عرفته، فقد حضر حطامُه أو بواقيه أو قل قيمتُه التي لم يتمكّن الكلاب من أكلها وإفنائها فيه!... تكلّم أخي سالم (حضرة العميد المتقاعد) ليبرز مفاسد أهمّها: 1 - اعتداء النّظام التونسي على مقوّم من مقوّمات البلاد التونسيّة وحرمة من حرماتها، وزارة الدّفاع الوطني!... اعتداءً صارخًا محكمَ الحبك، جعل الوزارة تأكل أولادها أو هي تأكل خيرة أولادها بأشقى أولادها وأبشعهم، خدمة لخشع نظام عميل فاسد!... 2 - براعة النّظام في صنع التباغض والتدابر بين التونسيين، حتّى ما يقدر أحدهم على حفظ نسب الآخر أو النظر إلى سبقه... فالضابط السامي هو سامٍ ببدلته ذليلٌ بتهمة رخيصة توضع عليه فتنزع عنه بدلته... 3 - وحشية التعذيب وعدم آدميّة المعذِّبين... فإنّهم ما أبقوا في ضحاياهم جزءً واحدا قادرا على العمل الطبيعي الذي خلقه الله تعالى له... وهو مثال صارخ لمعنى الإفساد في الأرض... فإنّ النّظام التونسي قد أفسد أهمّ صنع إلاهي وأكثره تعقيدا وقدرة على أداء المهامّ... إفساد يفوق كلّ معاني مصطلحات الظلم... 4 - خواء وفساد القضاء زمن الحاكم بشريعة الظلم، وكثرة المحسوبيّة، وأنعاميّة الاتّباع!... 5 - فساد المنظومة السجنيّة وفساد السجّانين وخواء مقوله الإصلاح بالسجن... فقد بيّن أخي ما يتعرّض له السجين ولا سيّما بعض الأصناف منه من مفاسد وانتهاكات نزّه لسانه عن النّطق بها...
ثمّ أبرز في هذا الإطار الأسود المنحرف، بعض الإيجابيات التي لا يخلو منها زمان أو مكان!... 6 - وجود أهل المروءة في كلّ المجالات كالمحامين والأطبّاء وغيرهم، ووجود البعض الآخر في الزوايا المظلمة المحروسة بالسوء، كبعض الجلّادين أو السجّانين...
دون أن ينسى في الخاتمة الحديث عن: 6 - وجود أناس أخر تابعين لوزارة الدّفاع الوطني لم يُنصفوا ولم يأخذوا بعض حقوقهم أسوة بإخوانهم في برّاكة السّاحل... وأحسب أنّه إنّما عنانا نحن أبناء مجموعة الإنقاذ الوطني 1987، فقد مثّلنا إلى حدّ الآن استثناء لا يجرّم الأنظمة السابقة فحسب، بل يجرّم كذلك الحكومات التي جاءت بها الثورة، فقد حكمت البلاد بأساليب منتصرة للحقبة الظالمة التي قامت عليها الثورة...
ثمّ لقد أعجبني من أخي ذكره للرّئيس السابق محمّد المرزوقي بما هو أهل له...
كان سالم كردون بيّن التأثّر بما مرّ به في أقبية الدّاخليّة الفاسدة وفي السجون الملوّثة للذات الإنسانيّة، ولكنّه رُئي رغم ذلك قائدا وطنيّا محبّا لبلده وأهله وخاصّته، فتحيّة لك أخي وجعل الله ما تعرّضتم له أنت وإخوانك في موازين حسناتكم... ونسأل الله صلاح الحال...