عشية انتهاء الجزء الثاني من المرحلة الأولى من اتفاق تهجير أهالي ما بات يُعرف ب"البلدات السورية الأربع"، بدت خلفيات هذه الصفقة التي وقعها الطرفان الإيراني و"هيئة تحرير الشام" في وقت سابق، أوضح، في ظل ورود معلومات عن ارتباطها بإطلاق سراح قطريين مختطفين في العراق، كما بسعي "جبهة النصرة" لفتح خط اتصال مع واشنطن بدعم من الدوحة، وفرض نفسها من خلال هيئة تحرير الشام طرفا أساسيا في أي تسوية تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على بلورتها مع موسكو. وقال مصدر لبناني مطلع على مسار المفاوضات، إن "هدف قطر الأساسي من الوساطة لإتمام الصفقة التي تم توقيعها الشهر الماضي في الدوحة، هو تحرير عدد من القطريين المختطفين في العراق منذ عام 2015". وفيما لم ترد أي معلومات رسمية عن الموضوع، قال المعارض السوري سمير نشار إن "حركة النجباء" العراقية التي يتواجد عدد من مقاتليها في سوريا، وافقت على ما يبدو في إطار الصفقة السابق ذكرها، على الإفراج عن رجال أعمال قطريين كانت تختطفهم منذ فترة، وهو ما أكّده مصدر سوري معارض متواجد في تركيا أعرب عن أسفه الشديد لكون تهجير آلاف المدنيين السوريين من بلداتهم كان ثمنا لتحرير غيرهم. ولا تقتصر خفايا الصفقة التي أثارت استياء عارما لدى مجموعات المعارضة السورية السياسية والعسكرية على حد سواء، على بند المختطفين العراقيين غير المعلن، بل تتعداه لسعي "جبهة النصرة" لفتح خط اتصال مع واشنطن عبر قطر، وفرض نفسها طرفا أساسيا في أي تسوية مقبلة يتفق عليها الجانبان الأميركي والروسي. وهو ما لمّح إليه رامي عبد الرحمن، مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، وتحدث عنه نشار، لافتا إلى أن "الصفقة التي وقعتها (النصرة) مع الطرف الإيراني تفتح لها ومن خلال (هيئة تحرير الشام) التي تحولت الفصيل الأكبر في سوريا، أفقا جديدا للوصول إلى الأميركيين، كما لاستعادة علاقتها التي اهتزت بتركيا على خلفية مشاركة فصائل محسوبة على أنقرة باجتماعات آستانة، وإقدام (النصرة) على تصفية هذه المجموعات ما تطور لإقفال الحدود وقطع الإمدادات". وأضاف: "لطالما دخلت قطر بوساطات كانت (النصرة) طرفا فيها، وأمّنت لها من خلالها مبالغ طائلة. اليوم نحن أمام وساطة جديدة لصفقة، قبضت (النصرة) ولا شك، ثمنها باهظا". وكان أحد المفاوضين في ملف المختطفين القطريين في العراق، أكد وجود وفد قطري في بغداد للتفاوض بشأن القضية وذلك. وقال المفاوض إن "المسارين السوري والعراقي في هذا الموضوع، بمثابة ملف واحد"، في تأكيد لما يتردد حول صفقة تبادل لمقاتلين إيرانيين وعناصر من "حزب الله" اللبناني في سوريا وقعوا في أسر الجماعات المقاتلة لصالح نظام بشار الأسد، في مقابل إطلاق سراح المختطفين القطريين. وأكد المفاوض، أن "المفاوضات مع الجانب القطري تسير على خطين متوازيين، رسمي وغير رسمي، الأول يتعلق بالحكومة، والثاني يتعلق بالجهات التي نفذت عملية الخطف"، من دون أن يسميها. وأوضح أن المفاوضات "وصلت إلى حلول محددة" من دون أن يخوض في تفاصيلها، لأن "التصريحات الإعلامية في هذا الموضع تعرقل عملية الحل" بحسب قوله، لكنه توقع أن "تتوصل المفاوضات إلى صيغة للتفاهم في غضون 48 ساعة المقبلة". ومن جانبه، أكد مصدر آخر مقرب من الملف، فضّل هو الآخر عدم ذكر اسمه "وجود الوفد القطري للتفاوض بشأن ملف المختطفين في دار الضيافة في مجلس الوزراء العراقي"، وقال إن "الجانب القطري كان مصراً منذ البداية على عدم ربط المختطفين بالجانب السياسي أو بما يحدث في سوريا، وفي وقت لاحق أصر على عدم قدرته التدخل مع جبهة النصرة لإخراج عناصر حزب الله اللبناني الموجودين عندها". فيما أكد أن الموضوع قارب على الانتهاء منذ فترة، لكن حادث الانفجار الأخير الذي وقع في منطقي الفوعا والكفريا ربما "دفع القطريين إلى الرضوخ والتفكير في المسار السوري، والأخذ في نظر الاعتبار التفاوض مع الإيرانيين للضغط على الميليشيا التي قامت بعملية الاختطاف". وأشار المصدر إلى أن المختطفين القطريين ليسوا موجودين في السجون الرسمية العراقية، إنما لدى الجهة التي خطفتهم ودور الحكومة العراقية يقتصر على الاستضافة وتجميع الأطراف المفاوضة. وقال المصدر إن "المبلغ الذي دفعه الجانب القطري تعدى المليار دولار"، مضيفاً أنه "تم قبل فترة دفع مبلغ 350 مليون دولار في العراق ومثلها في لبنان". وأكد أن ضابطاً كبيراً في المخابرات العراقية نصح الخاطفين في وقت مبكر بطلب "600 مليون دولار، لعلمه بعدم ممانعة القطريين في ذلك، واشترط أن يحصل على حصة كبيرة منها، فوصل الأمر إلى الجهات الحكومية العليا فتمت إقالته". وأكد استعانة الجانب القطري بشركة أمريكية للدخول على خط التفاوض في شأن المختطفين وإنها حصلت على نحو 200 مليون دولار أمريكي.