مرت 8 سنوات على ما يسمى بالثورة التونسية أو بثورة الربيع العربي الذي خرج فيه التونسيين رافعين شعار ديقاج في وجه الرئيس زين العابدين بن علي ونظامه وعائلته مطالبين بالحرية والحياة الكريمة. ثورة بدأت شرارتها بإقدام الشاب محمد البوعزيزي على حرق نفسه احتجاجا على الظلم والتهميش الذي عاناه ويعانيه شباب كثر مثله. وفي مثل هذا اليوم 13 جانفي 2011 طل بن علي بخطابه الشهير الذي قال فيه للشعب التونسي انه فهمه وفهم العاطل عن العمل وفهم كل الفئات العمرية والاجتماعية في خطاب تاريخي لأول مرة يرى فيه الشعب التونسي رئيسه في حالة ضعف وهلع وذعر. هو ذعر سببه صوت الشارع الغاضب الثائر الذي خرج بالآلاف وقال له ارحل واتركنا بسلام... سقط شهداء وسقط جرحى ولم يتراجع الشعب المجروح بل صمد حتى أطاح بعرش بن علي وزعزع عروش أنظمة ديكتاتورية أخرى في العالم العربي. الشعب التونسي يحتفل غدا بالذكرى الثامنة لثورته التي سميت بالياسمين وبالمجيدة وغيرها من الأسماء الجميلة. الشعب التونسي يعيش اليوم حرية وديمقراطية ناشئة لا تزال تتحسس طريقها لتكبر وتزهر لكن هل حقق حقا كرامته؟. الشعب التونسي نادى بالحرية والكرامة فتحصل على الأولى ولكن أين الثانية ونعني بالكرامة؟ أليست الكرامة تبدأ بالعيش الكريم, فهل يعيش الشعب التونسي عيشا كريما في ظل أوضاع اجتماعية مزرية وأوضاع اقتصادية قاتمة؟ كيف ذلك وقد ارتفعت نسبة البطالة خلال الثلاثي الثالث من سنة 2018 إلى حدود 15.5 وفق المعهد الوطني للاحصاء و ارتفع بذلك عدد العاطلين عن العمل إلى حدود 642 ألف و800 عاطل وتعاني الإناث أكثر من الذكور من البطالة إذ ارتفعت نسب البطالة في صفوفهن ب 22.8 بالمائة مقابل 12.5 بالمائة للذكور. كما ان المواطن التونسي احترق بغلاء المعيشة وأصبح غير قادر حتى على توفير الضروريات حيث أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي، ارتفع بنسبة 5.0 % خلال شهر ديسمبر 2018 مقارنة بالشهر السابق وبلغت نسبة التضخم أكثر من 7 بالمائة. فحسب خبراء في الاقتصاد فاٍن ارتفاع نسبة التضخم تبين مدى تبعية النسيج الصناعي الاقتصادي المرتبط كثيرا بالمواد الأولية وبقيمة الدينار التونسي، الذي يشهد منذ فترة انزلاقا وتدهورا بالنسبة للعملة الأجنبية خاصة وأن أغلب الواردات التونسية من أوروبا. كذلك من أبرز أسباب تدهور الاقتصاد التونسي ارتفاع المواد الاستهلاكية الى 9% في السنة المنقضية وذلك بسبب تهريب كميات كبيرة من السلع التونسية إلى ليبيا والجزائر. وأدى ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم الى التأثير على المقدرة الشرائية للمواطن الأمر الذي خلق احتقانا اجتماعيا من المنتظر أن يكون له صدى كبيرا في 14 جانفي خاصة وأن نسبة التضخم ارتفعت كثيرا بعد الثورة فقبلها لم تكن تتجاوز 3 % . كما أن تونس ستعرف في سنة 2019 نموا اقتصاديا ضعيفا وستكون سنة صعبة على التونسيين لتمر السنة الثامنة أيضا ولم يحقق الشعب التونسي بعد حقه في العيش الكريم ويبقى يتخبط بين السياسيين والاحزاب والنقابا