تحيي تونس اليوم الثلاثاء الموافق للعشرين من أكتوبر الذكرى 193 لعيد العلم التونسي الذي يعد رمزا للسيادة الوطنية. والعلم التونسي علم أحمر تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم ذو خمسة أشعة يحيط به هلال أحمر، واللذان يعتبران رمزاً إسلامياً. حيث لم يؤثر الزمن ولا الأحداث على رموزه منذ أن قرر حسين باي الثاني إنشاءه بتاريخ20 أكتوبر1827. وقد تمّ اعتماد العلم رسميا سنة1831 بقرار من أحمد باي. 187 سنة و العلم يرفرف و إن شاء الله سيرفرف إلى الأبد. عاشت تونس حرة أبية والمجد لشهدائها الأبرار. نبذة عن تاريخ العلم التونسي : يحمل العلم التونسي في طياته تاريخا طويلا حافلا بالملامح و البطولات، فهو الشاهد الحي على سجل شعب بأكمله خلد عبر العصور رسالة حضارية بنيت على القيم الإنسانية المثلى، لتنحت من تونس أرضا في أديمهاالحضارات و أضافت بما يتجاوز حجمها إلى حضارة الإنسان. إن الرموز و الألوان التي تميز العلم التونسي ضاربة في التاريخ. ولئن أكد بعض المؤرخين أن الألوان المكونة لعلمنا كلون القماش الأحمر و الدائرة البيضاء التي تحتوي على الهلال و النجم من اللون الأول, هي في الأصل علامات اشتهرت بها الحضارة القرطاجنية, فالواقع أن البلاد التونسية, منذ إلحاقها بالخلافة العثمانية سنة 1574م, اعتمدت العلم التركي آنذاك أي الراية الحمراء التي أضيف إليها فيما بعد نجمة بيضاء, يحيط بها هلال ابيض. و يرجع تاريخ العلم التونسي في شكله الحالي إلى عهد حسين باي الثاني (1824- 1835), فبعد انهزام العثمانيين في معركة نافرين Navarin (1827). فكر حسين باي في استنباط علم جديد خاص بالبلاد التونسية للتمييز بينها وبين بقية الولاية العثمانية. و حتى يجتنب ردود فعل السلطة العثمانية اقتبس العلم الجديد من الراية التركية ذاتها, فتم الاحتفاظ باللون الأحمر مع إضافة قرص ابيض في وسط العلم و تغيير لون النجمة و الهلال من الأبيض إلى الأحمر. وظهر العلم في السنوات الأولى من نشأته, بصفة محتشمة إلى أن خلف احمد باي سنة 1837 الباي مصطفى على عرش البلاد. فكان همه هو السيادة التونسية و إبراز مظاهر استقلال البلاد تجاه الباب العالي. وكان كل نشاطه موجها إلى الأبهة العسكرية, فأمر بتوزيع العلم ذي الهلال الأحمر على كافة الأفواج التونسية, كما أمر المشير الأول احمد باي برفع العلم التونسي المتميز عن العلم التركي على واجهات المصالح الحكومية و البواخر الحربية و التجارية. و تجدر الإشارة إلى أن مبعوث السلطان العثماني الذي قدم إلى تونس سنة 1840, استغرب عندما شاهد العلم التونسي يرفرف بمفرده على قصر باردو فاحتجت حكومة الباب العالي على هذه المبادرة التي اعتبرتها خرقا للمواثيق الرابطة بين الايالة التونسية و الخلافة العثمانية و طالبت مرارا و تكرارا بتبديل سنجق تونس بسنجق الباب العالي. لكن المشير الأول احمد باي ظل متمسكا بموقفه و استمر الأمر على هذه الحال في عهد محمد باي (1855- 1859) و محمد الصادق باي (1859- 1882). و عند انتصاب الحماية الفرنسية في تونس في 12 ماي 1881,لم تتجرا القوات الفرنسية على إلغاء العلم التونسي لكنها رفضت رفع العلم الفرنسي إلى جانب العلم التونسي تطبيقا لمبدأ السيادة المزدوجة. و قد ثبتت الحركة الوطنية العلم التونسي و ظلت متمسكة به خلال جميع مراحل الكفاح التحريري رغم محاولة السلط الفرنسية منع التونسيين من رفعه أثناء التظاهرات و الاحتفالات الوطنية. وغداة استقلال البلاد و إعلان الجمهورية قرر المجلس القومي التأسيسي بالإجماع الحفاظ على العلم الوطني في الشكل الذي استنبطه حسين بأي الثاني و أقره المشير الأول احمد بأي في النصف الأول من القرن التاسع عشر باعتباره رمزا للسيادة التونسية على مدى السنين و الأحقاب.