بعد ان كانت تونس تستعد للمصادقة على صفة الشريك المتقدم مع الاتحاد الاوروبي بما هو مخرج حقيقي للازمة المالية والاقتصادية لبلادنا صادق البرلمان الاوروبي كما هو معلوم على ادراج تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان المعرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ولئن اعتبره محللون اقتصاديون بمثابة الكارثة فان السؤال الأهم من يتحمل مسؤولية الوضعية الجديدة لبلادنا خاصة وان تونس غادرت تصنيف الجنات الضريبية منذ نحو الشهر لتسقط في تصنيف أوروبي سيلقي حتما بظلاله على واقع الاستثمار ومنه على التشغيل. وفِي الوقت الذي كان فيه التونسيون في انتظار موقف حاسم وواضح من الحكومة سارع رئيس الحكومة يوسف الشاهد الى اقتراح تغيير محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري في محاولة لوضع الرجل كما لو كان المسؤول الوحيد عن هذا التصنيف الخطير ليرد العياري بوثيقة كان قد ارسلها منذ ما يزيد عن 9 أشهر وتحديدا بتاريخ 18افريل 2017 ليعلم فيها الشاهد بمسالة تبييض الاموال وتمويل الارهاب في تونس ويطالبه باتخاذ الاجراء ات اللازمة بيد ان الحكومة لم ترد. ومن الواضح ان موقف الشاهد من محافظ البنك المركزي قد يجد ما يبرره حسب البعض وهو فشل السياسة النقدية لبلادنا لكن السؤال الأهم لماذا صمتت الحكومة عن تقرير العياري؟ وهل يكون العياري كبش فداء ذلك ان وجود حكومة الوحدة الوطنية مرتبط بنجاحها الاقتصادي وهو ما فشلت فيه؟ وماذا لو رفض رئيس الجمهورية او البرلمان تغيير محافظ البنك المركزي سيما وانه سيغادر منصبه بعد نحو 6 أشهر من الان؟ وتفاعلا مع مقترح رئيس الحكومة قرّر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أمس إحالة مقترح يوسف الشاهد بإعفاء الشاذلي العياري من مهامه على رأس البنك المركزي التونسي وتعيين مروان العباسي خلفا له، إلى مجلس نواب الشعب للمصادقة طبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور. وفِي تقييم قرار التصنيف وتداعياته اعتبر الخبير الاقتصادي والقيادي بنداء تونس محسن حسن ان»الكل يتحمل مسؤولياته من برلمان وحكومة وأحزاب وحتى مجتمع مدني والبنك المركزي» وتساءل حسن ماذا فعلت الحكومة لرصد مداخيل الجمعيات وبعض الاحزاب وكيف تقوم بدورها الرقابي في وقت بدا الثراء الفاحش يظهر على عدد من الاحزاب حديثة العهد». واضاف حسن «ان عدم الاعتراف بالمسؤولية الجماعية يضعنا امام صعوبة الإصلاحات وان تبادل التهم بين هذا الطرف او ذاك سيصعب أي إمكانية للحلول المشتركة فمصادقة البرلمان الأوروبي على إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان المعرضة لتبييض الأموال وتمويل الآر هاب كارثة بكل المقاييس،سواء على مستوى سمعة تونس او على مستوى تدفق الاستثمارت الأجنبية المباشرة ورفع أموال من السوق المالية العالمية خاصة بعد قرار الحكومة التونسية الالتجاء لرفع 1مليار دولار خلال الأيام القادمة». وختم المتحدث بالقول «ان هذه الوضعية المؤلمة تستدعي تحميل المسؤوليات والانطلاق فورا في حوار اقتصادي في إطار وثيقة قرطاج لإيجاد حلول ملزمة لكل الأطراف لتجنب هزات اجتماعية قد تعود بالوبال على الجميع». بدوره اعتبر الخبير المالي والاقتصادي راضي المدب، ان قرار تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو قرار سياسي بالاساس وهو وارد منذ سنوات. واضاف، المدب، في تصريح لراديو «شمس اف ام»، أمس الخميس،ان التعامل السياسي مع هذا القرار لم يكن في مستوى التحديات والمشاكل التي تمر بها تونس بل اقتصر على اعلان النوايا،مقترحا بعض الحلول الممكنة لتجاوز الأزمة الإقتصادية في البلاد. وشدد، المدب على إيجاد حلول سريعة لمشاكل الصناديق الإجتماعية المفلسة والمكلفة للدولة والمجموعة الوطنية والتي تنذر بخطر إمكانية عدم دفع جرايات التقاعد للسنوات القادمة،مطالبا بوضع المشاكل الإقتصادية الهيكلية على الطاولة ومعالجتها بطريقة مهنية وليس عن طريق التوافق الذي يغطي على المشاكل ويتركها لمن سيأتي من بعد بهدف ربح الوقت، حسب قوله. واوضح، في السياق ذاته،ان مسالة تبييض الاموال تابعة للجنة التحاليل المالية التي يترأسها محافظ البنك المركزي وهي مسؤولة عن اتخاذ الاجراءات من اجل التصدي لمثل هذه المسائل الخطيرة . وفِي رده على هذا التصنيف قال وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، «ان هناك اعترافا من مجموعة العمل المالي بالخطوات المتقدمة التي قطعتها تونس في مجال مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب..»،معربا عن امله في ان يتم رفع تونس من القائمة السوداء خلال شهر جوان القادم على اقصى تقدير. واشار، في سياق متصل، الى انه سيتم خلال جلسة عامة لمجموعة العمل المالي (gafi) ستنعقد في 23 فيفري الجاري في باريس توضيح موقف تونس لجميع الاطراف والجهود التي تبذلها الحكومة التونسية لارساء اصلاحات هيكلية وتشريعية في مجال مقاومة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.. وكانت تونس قد عبرت في بيان صدر عّن وزارة الخارجية عن استيائها من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي إدراجها في قائمة الدول «عالية المخاطر» في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، واصفة القرار «بالمجحف و المتسرع وأحادي الجانب» وفق بيان لوزارة الشؤون الخارجية. ◗ خليل الحناشي الخميس القادم جلسة عامة لاعفاء العياري وتعيين العباسي قرر مكتب مجلس نواب الشعب مساء امس عقد جلسة عامة طيلة يوم الخميس القادم ستخصص الحصة الصباحية للتصويت على اعفاء محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري والحصة المسائية للتصويت على تعيين مروان العباسي محافظا جديدا للبنك.