قالت سعاد عبد الرحيم رئيسة بلدية تونس ان الوقت قد حان للإقرار بأن البنية التحتية في تونس العاصمة غير مؤهلة لاستيعاب مياه الامطار والمياه المستعملة، وبينت أنه لا توجد شبكة خاصة بتصريف مياه الأمطار، وهو نفس ما أشار اليه كمال القمري مدير البناء والتخطيط الحضري. وأضافت عبد الرحيم أمس خلال لقاء علمي انعقد بالقصبة حول المدن الكبرى ان كل الاهتمامات يجب ان تنصب حول البنية التحتية، وبينت انها لا تحمل المسؤولية لطرف معين بل ترى ان كل الاطراف مطالبة بالمساهمة في تحسين البنية التحتية. وتحدثت عبد الرحيم عن الفيضانات التي عاشتها نابل يوم السبت الماضي وبينت ان بلدية تونس ارسلت عتادها لولاية نابل قصد مساعدة البلدية. وذكرت رئيسة بلدية تونس ان البلدية تواجه يوميا مشاكل في حي التحرير والحرايرية وتقوم بتدخلات لتصريف المياه المستعملة، لكن في صورة نزول أمطار غزيرة كما حدث في نابل فيمكن ان تتسبب هذه الامطار في فيضانات مماثلة. وأضاقت ان مشكل البنية التحتية هو مشكل شائك ويجب معالجته ويجب رصد امكانيات كافية لهذا الغرض كما ينبغي وضع استراتيجية واضحة. وباستفسارها عن استعدادات البلدية لمواجهة الفيضانات في حال حدوثها أجابت عبد الرحيم أن البلدية استعدت منذ الصائفة لموسم الخريف والشتاء حيث تم جهر البالوعات الموجودة لكن هذه العملية غير كافية لأن البالوعات الموجودة غير قادرة على استيعاب كميات الامطار، فالخطر على حد تعبيرها مازال ماثلا رغم جهر الأودية ويعزى ذلك لوجود قنوات مهترئة ومهشمة تستوجب تغييرها واصلاحها فالمشاكل حسب ما اكدته رئيسة بلدية تونس عويصة لكن عندما توجد الارادة السياسية القوية يمكن التوصل الى حلول. ولتحسين البنية التحتية في العاصمة بينت عبد الرحيم انه سيقع الضغط على الحكومة وذكرت ان هناك عدة اطراف متدخلة في هذه المهمة وبلدية تونس كسلطة محلية يجب ان تتكلم وتطالب بصوت عال وتقول ان الاولوية للبنية التحتية. وأشارت الى ان القانون المتعلق بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص يمكن ان يحل هذا المشكل وبالتالي لا يوجد مبرر للتعلل بعدم توفر اعتمادات لتحسين البنية التحتية. واجابة عن سؤال آخر حول الاجراء الذي ستتخذه بلدية تونس بخصوص البنايات المتداعية التي تهدد بالانهيار على رؤوس شاغليها بينت عبد الرحيم أن مسؤولية البلدية في علاقة بهذه البنايات تتمثل في الاخلاء والتدخلات الاجتماعية. وأكدت ان بلدية تونس تعتبر ملف البنايات المتداعية من الاولويات لأنه يعني أرواح العديد من الناس وذكرت ان هناك اجراءات ستتخذ وربما توجع البعض لكن لا بد منها وهي تقوم على التهديم واعادة البناء وسيتم ذلك في اطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. اهتراء الشبكة يرى كمال القمري مدير البناء والتخطيط الحضري ببلدية تونس أن هناك عدة مشاريع تساعد على تحسين البنية التحتية يمكن انجازها في اطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وأضاف في تصريح ل "الصباح" انه بمجرد ان تحدث فيضانات في اي جهة من جهات البلاد عادة ما يوجه المواطنون أصابع الاتهام مباشرة للبنية التحتية حتى وان أعلنت الدولة عن حدوث كارثة طبيعية. وأضاف أن الاشكال الكبير الذي تعاني منه تونس يكمن في تصريف مياه الامطار نظرا لوجود تداخل في المسؤوليات وعدم توزيع واضح ونهائي للمهام بين البلديات والديوان الوطني للتطهير ووزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. وفسر مدير البناء والتخطيط الحضري سبب تعرض منطقة لافيات والحرايرية وحي الخضراء وغيرها من النقاط السوداء للغرق في كل مناسبة تتهاطل فيها الأمطار، بأن مستوى ارتفاع هذه المناطق قريب من مستوى ارتفاع البحيرة اي ان مياه الامطار لا تتحول الى البحيرة وتتجمع في هذه المناطق المنخفضة لبعض الوقت قبل ان تستوعبها شبكات الصرف الصحي. وأقر محدثنا بأن العامل الجغرافي ليس هو الوحيد المتسبب في الفيضانات وبين أن هناك اسباب اخرى اهمها عدم تنظيف البالوعات وتراكم الاتربة واغصان الاشجار فيها وتقادم شبكة تصريف المياه. وقال أن الشبكة اهترأت وهي في حاجة اكيدة للإصلاح والصيانة كما أكد القمري أنه تم التفطن الى مواطنين وتجار تعمدوا سد البالوعات بالإسمنت وذلك لتجنب انبعاث الروائح الكريهة منها، وأضاف انه في كل الاحوال يجب تحسين الشبكة ومواصلة انجاز المشاريع التي من شأنها ان تحد من الفيضانات على غرار مشروع ربط سبخة السيجومي بوادي مليان. وعن سؤال حول مدى استعداد القائمين على شؤون البنية التحتية لتشريك المواطنين في اتخاذ القرار وذلك تطبيقا لأحكام مجلة الجماعات المحلية الجديدة، بين القمري ان الجماعات المحلية مطالبة قانونا بتشريك المواطنين والمجتمع المدني واصبح بإمكان المواطن ان يحضر اجتماعات المجالس البلدية ويبدي رأيه ويضغط ويطالب.. وفي نفس السياق أكد مختار الهمامي مدير عام الجماعات المحلية بوزارة الشؤون المحلية والبيئة خلال حديثه عن مسار ارساء اللامركزية، على أهمية دور المواطن. اذ نص الدستور على وجوب اعتماد اليات الديمقراطية التشاركية ومبادئ الحوكمة المفتوحة من قبل الجماعات المحلية وذلك لضمان اسهام اوسع للمواطنين والمجتمع المدني في اعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها. وتنزيلا لأحكام الدستور ضمن القانون الاساسي المتعلق بمجلة الجماعات المحلية للمواطن حق المشاركة وبموجب الفصل 29 يخضع إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية وجوبا إلى آليات الديمقراطية التشاركية. ويضمن مجلس الجماعة المحلية لكافة المتساكنين وللمجتمع المدني مشاركة فعلية في مختلف مراحل إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها وتقييمها. وتتخذ الجماعة المحلية كل التدابير لإعلام المتساكنين والمجتمع المدني مسبقا بمشاريع برامج التنمية والتهيئة الترابية. وتعرض مشاريع برامج التنمية والتهيئة الترابية على مصادقة المجالس المحلية المعنية بعد استيفاء الإجراءات القانونية وكلّ قرار تتخذه الجماعة المحلية خلافا لمقتضيات هذا الفصل يكون قابلا للطعن عن طريق دعوى تجاوز السلطة. جاءت مجلة الجماعات المحلية اذن بمكسب كبير لفائدة المواطن فهل سيستفيد منه؟ وهل سيشارك ويبدي رأيه ويخاصم ويحتج ويندد في الابان وقبل فوات الاوان ام انه سيظل في موضع المتفرج؟