تقع منطقة البورجين في الحدّ الجنوبي من معتمديّة مساكن من ولاية سوسة وتفتح على الطّريق الرّئيسيّة عدد 1 حيث تبلغ مساحتها 6245 هكتارا ويبلغ عدد سكّانها حوالي 5 آلاف وقد كانت هذه المنطقة قبل تاريخ جانفي 2017 تشكّل مع عمادة بني ربيعة مجلسا قرويّا ويجمعهما مثال تهيئة عمرانيّة واحد، لتصبح البورجين بعد هذا التّاريخ مرجع نظر بلديّة مساكن التي تبعد عنها حوالي 8 كيلومترات، وتتميّز البورجين بتاريخ عريق وكانت لها مساهمة في النّضال الوطني من أجل الإستقلال من خلال ما قدّمته من شهداء ومقاومين زمن الإستعمار الفرنسي فضلا عن أنّها أنجبت العلاّمة المعروف عبد السّلام البورجيني. يبدو أنّ تاريخ هذه المنطقة لم يشفع لها حيث لم تنل اليوم حظّها من التّنمية وما يعكسه ضعف مؤشّرات التّنمية بها فضلا عن انعدام مؤشّرات التنمية الإجتماعيّة المتعلّقة بتوفّر الحاجيات الأساسيّة والعيش الكريم وفرص العمل. تشخيص يجد صداه في جملة شهادات عدد من متساكني منطقة البورجين حيث أكّد النّاشط المدني علي زرّوق أنّ المنطقة تعاني من عديد المشاكل والإشكاليّات الحقيقيّة جرّاء غياب أغلب المرافق الضّروريّة فباستثناء المدرسة الإبتدائيّة التي يعود تاريخها إلى سنة 1938 والمدرسة الإعداديّة التي شيّدت سنة 1989 بفضل مساهمة المتساكنين وبصفة خاصّة العاملين بالخارج ومركز حرس وطنيّ لا يمكن أن تصادف في المنطقة ما يؤشّر على ضمان حياة كريمة إذ أنّ مستوى الرّبط بشبكة التّطهير لا يتعدّى نسبة 40% وهو ما يخلق اشكالا بيئيّا يهدّد صحّة المتساكنين كما بيّن زرّوق أنّ شبكة الطّرقات والأنهج تمثّل معضلة طالما عانى منها الأهالي وسوّاق سيّارات النّقل الجماعي ومختلف وسائل النّقل نتيجة لإهترائها وكثرة الحفر والمطبّات بها نتيجة لغياب أيّ شكل من أشكال الصّيانة منذ سنوات عديدة فحتّى الطّريق الوحيد الذي يمتدّ على نحو نصف كيلومتر والذي تمّ إدراجه ضمن برنامج المجلس الجهوي للولاية لسنة 2017 تعثّر إنجازه ولم يقع استكماله إلى اليوم ليبقى شاهدا على تردّي البنية التّحتيّة وارتفاع منسوب التّهميش والتّناسي كما اشتكى المتساكنون من ضعف شبكة التّنويرالعمومي واقتصارها على عدد قليل من الشّوارع وهو ما يجعل المنطقة تغرق في ظلام دامس ويجعل من مسألة العودة إلى الدّيار بعد غروب الشّمس ضربا من المغامرة مجهولة العواقب. أمّا عن المرافق التّرفيهيّة والمؤسّسات الثقافيّة فهي تكاد تكون منعدمة إذ أنّها تقتصر على دار شباب مغلقة منذ السّنوات التي تلت مباشرة الثّورة وإلى حدود اليوم ترتهن بين جدرانها البالية تجهيزات تسلية تجاوزتها الرّغبات والميولات وأعرضت عنها الإهتمامات والإنتظارات ليبقى الملعب البلدي بأرضيّته الصّلبة وحدوده الباهتة المستباحة وشباكه المثقوبة ملجأ شباب المنطقة لفكّ العزلة والتّرويح عن النّفوس من خلال مقابلة في كرة القدم شعارها "سايس خوك" باعتبار أنّ "الزّلقة بفلقة " في ظلّ عدم توفّر ولو مستوصف أو وحدة صحيّة أو اسعافيّة بالمنطقة بعماداتها الثّلاث إذ أنّ الصّيدليّة الوحيدة التي انطلق نشاطها سنة 1981 حسب إفادة الأهالي تمّ غلقها منذ سنة 2007 بعد أن انتقل صاحبها لممارسة نشاطه بإحدى المدن السّاحليّة القريبة من مقرّ سكناه لينضاف بذلك تحدّ آخر إلى جملة التحديّات التي تواجه متساكني البورجين ويزيد في تعميق معاناتهم اليوميّة حيث أكّد البعض أنّه وفي غياب صيدليّة يضطرّ في الحالات الإستعجاليّة سكّان البورجين وبني ربيعة والفرادة أي ما يزيد عن 12 آلاف ساكن إلى التنقّل إلى مدينة مساكن لإقتناء ما يخفّف عنهم ويسكّن آلامهم الجسديّة في انتظار أن يظفروا بمن يتبنّى همومهم ومشاغلهم ويحرص جاهدا على جبر خواطرهم فتحظى مشاغل منطقتهم التنمويّة بحسن عناية ومتابعة من السّلط المحليّة والجهويّة والمركزيّة من خلال مواصلة مسار عبرالدّفع بقوّة نحو تحقيق حلمهم المشروع ومطلبهم المشروع الذي طالما راودهم فتمسّكوا به ودافعوا عنه منذ سنة 2008 حين طالبوا السّلط المعنيّة بإحداث بلديّة مشتركة بين البورجين وبني ربيعة تعمل جاهدة على تحسين مستوى الخدمات والحاجيات الأساسيّة وتجويد البيئة المحليّة بما يصنع ربيع المنطقة.. أنور قلاّلة