تعد تونس اليوم مليونا و700 ألف فقير، كما أنّ هناك 600 ألف تونسي يشكون من سوء التغذية، في المقابل بلغت قيمة التبذير الغذائي لدى التونسيين 572 مليون دينار في السنة. أمام هذه التناقضات في الأرقام وتضاربها أوضح الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون في تصريح ل «الصباح الأسبوعي» أنّ «التقرير الأخير للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بيّن التناقضات التي ولّدها الاقتصاد التونسي» وأضاف جبنون أنّ «الاقتصاد التونسي في هيكلته الحالية هو اقتصاد ريعيّ لأنه يقوم على التوريد المكثّف والعشوائي والاستهلاك ولا يقوم على الإنتاج والتصدير والوفرة مع غياب آليات ناجعة لتوزيع الثروة وتحقيق لا فقط العدالة الاجتماعية بل أيضا الرقي الاجتماعي. فالمصعد الاجتماعي في تونس معطّل عكس ما كان في حدود الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي». وبالتالي هذه النتائج، وفق قول محدّثنا، «هي نتائج متوقعة وغير مفاجئة، فمن ناحية نجد أنّ منظومة الدعم بقيمة 4500 مليون دينار توجه إلى غير مستحقيها وأن العادات الغذائية للتونسيين الآن هي عادات استهلاكية بعيدة حتى عن تقاليدنا الغذائية السليمة وتؤدي إلى توريد مكثف للحبوب والقمح الليّن يضاف إليها إغفال لعناصر أخرى من السلة الغذائية وهي ضرورية لتحقيق تغذية سليمة وصحية». وفسّر جبنون أنّ «هذا التضارب والتناقض هو نتيجة لانفلات التضخم في تونس الذي هو في حدود 8 بالمائة حسب التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي والغلاء المفرط للمعيشة حتى أن الطبقات الضعيفة والمتوسطة في تونس أصبحت عاجزة عن اقتناء الأغذية الأساسية والدواء دون التطرق للحاجيات الأخرى للحياة السليمة».