على خلفية الاتهامات الموجهة لحركة النهضة في ما يتعلق بضلوعها في جريمة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عبر جهاز سري يتبعها، علق نائب رئيس حركة النهضة علي العريض على الأحداث الأخيرة في تدوينة على حسابه الرسمي الفايسبوك متسائلا عن حال الديمقراطية في بلادنا !. وقال علي عريض: «اتهموا القضاء العدلي ثم وزارة الداخلية ثم القضاء العسكري ثم الحكومة واليوم البرلمان وأمعنوا في التشكيك والضغط وسيأتي يوم على بقية مؤسسات الدولة». وأضاف نائب رئيس حركة النهضة: «جوهر القضية هل نحترم الدستور والقانون ونتائج الانتخابات.. متى سيتخلون عن توهّم أنفسهم المصدر الشرعي والوحيد للحقيقة والعدالة والتقدمية؟!.. أوّل شروط التقدمية والحداثة هو أن تكون ديمقراطيا، فأين هم من هذا؟!». عن رفضه لهذه الاتهامات ومواقفه من مسألة التعويضات وإمكانية التحالف النهضة مع الحزب المنتظر تأسيسه من قبل كتلة الائتلاف الوطني ويوسف الشاهد، تمحور لقاء «الصباح الأسبوعي» مع علي العريض أبرز قيادات حركة النهضة. * هل تعتقد أن الأحداث الأخيرة تهدد مسار الديمقراطية في تونس؟ - عدم احترام مؤسسات الدولة هو مساس بمسار الديمقراطية وهناك معنى لا يذكر كثيرا وهو «التحرر من الاستبداد» الذي لا يكون من خلال التحرر من النظام المستبد فحسب وإنمّا هو التحرر من أي مجموعة كانت تيارا أو حزبا من شأنها أن تقيد الحرية، فعلينا التخلص من الاستبداد بكل أنواعه وفي أحيانا كثيرة يمكن أن تكون حتى الثقافة العامة مكبلا للحريات الفردية. معاركنا انطلقت مع استبداد السلطة السياسية وتتواصل مع غيرها من المكبلات، علينا التحرر من جميع أشكال الاستبداد حتى نحقق كل ما نصبو إليه من إصلاحات تقودنا نحو الحداثة والتقدمية والتي لا يمكن أن تحقق دون تحلينا بمبدأ الديمقراطية. * هل تعتبر تصريحات رئيس الجمهورية في قضية ما يعرف ب"الجهاز السري" قد يحدث صداما بين الحركة ومؤسسة رئاسة الجمهورية؟ - نحترم رئيس الجمهورية والجهد الذي يبذله فهو موحد للدولة ولمختلف الأطراف وحتى وإن اختلفنا جزئيا في بعض المواقف نبقى دوما على احترامنا للدستور ولمؤسسات الدولة ونسعى للابتعاد عن كل تجاذب سياسي لكن ما حدث في الفترة الأخيرة هو وجود مبالغات عديدة تسعى لتشويه واستهداف أشخاص لصالح حملة انتخابية قبل أوانها وهذا بعيدا عن الديمقراطية التي نرنو إليها خاصة بعد أن أصبحت المسألة في يد القضاء ومن الضروري في هذه المرحلة أن تلتزم جميع الأطراف بمسافة تحترم من خلالها القضاء لا تعمد تشويهه والضغط على مجريات الأحداث. *هناك حديث عن إمكانية تحالف النهضة مع الحزب الجديد ليوسف الشاهد؟ - الحزب الجديد لم يتشكل بعد ومن يتحدثون عن تأسيس هذا الحزب من كتلة الائتلاف الوطني يسعون أكيد لإيجاد فسحة لبرامجهم ومكان لهم في الخارطة السياسية ونحن سبق لنا الحوار مع يوسف الشاهد على أكثر من صعيد يهم مصلحة الوطن وقضايا البلاد وكان التوافق بيننا على مسألة التغير الجزئي في الحكومة حتى نحافظ على استقرار البلاد كما كان التوافق بيننا في مسألة قانون المالية والمصادقة عليه وهذا التعاون لا يعني بالضرورة توافقنا في كل المواقف والقرارات. فالبرنامج الانتخابي غير مشترك لكل منا مشاريعه الخاصة، ومع ذلك أقول أن التحالف ممكن لكن ليس بالأكيد أو الرسمي هناك نقاط اختلاف وان اجتمعنا فسيكون الهدف استقرار البلاد والدفع قدما بالإصلاحات. * وماذا عن أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الدستورية، هل من حل في الأفق؟ - بعد الانتهاء من قانون المالية من الضروري التعجيل في ترتيب أمر مؤسستين دستوريتين وهما المحكمة الدستورية والهيئة العليا للانتخابات وهناك مفاوضات للوصول لاتفاقات تهم انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعويض ثلاث من أعضائها ثم التركيز على المحكمة الدستورية ونأمل تحقيق ذلك في أقرب وقت حتى لا نسقط في التشكيك ونتمكن من غلق هذا الملف الذي يمثل أخر أسس المكملة للديمقراطية في بلادنا. * ما تعليقك على الانتقادات الموجهة لملف التعويضات للنهضاويين..؟ - للأسف ملف التعويضات وقع استغلاله للمتاجرة السياسية نعم هناك عدالة انتقالية ستسمح بترميم الضرر لا بتعويض سنوات النضال وهذا الضرر، الذي أصاب ضحايا الاستبداد سيعيد تأهيلهم لحياة اجتماعية كريمة فالتعويضات تسعى لتخفيف جزء من معاناتهم وهذا واجب أخلاقي واجتماعي ومن يدعون لإلغاء صندوق الكرامة الممّول من التبرعات، التي بدورها تخضع لمقاييس للأسف أصفهم بعبارة واحدة «لا يرحمون ولا يخليو من يرحم». وأشير في حديثي عن هذه المسألة الى حقيقة ما يشاع من أن من سيقع تعويضهم هم من أنصار حركة النهضة وهذا ليس صحيحا فهناك قرابة 10 آلاف ضحية من مختلف الانتماءات والأطياف الحزبية والنقابية (إسلاميون، يساريون، يوسفيون، نقابيون، جرحى الثورة..) وستحدد مقاييس تمتعهم بالتعويضات هيئة الحقيقة والكرامة. وما يحدث اليوم أعتبره ظلما لهؤلاء التونسيين. ظلم أصابهم في مناسبتين، مرة أولى أثناء معاناتهم وعائلاتهم من الاستبداد ومرة ثانية من خلال وقوعهم ضحايا المتاجرة والتجاذب السياسيين. * هناك مطالب من أنصار النهضة لتشبيب قياداتها، هل تسعى الحركة لتفعيل ذلك؟ - نحن بصدد تفعيل قرارات المؤتمر العاشر للحركة والبدء في تنفيذ فكرة تجديد وتشبيب القيادات وتمكين شباب كما النساء في الحركة من مكانة أكبر ومن مواقع أكثر فعالية، لا يوجد موقع معين فعملية تطعيم الحركة بالشباب على أكثر من مستوى وقد قمنا بدعم حضور عدد من الشباب والنساء في الانتخابات البلدية الأخيرة (التناصف العمودي والأفقي). ودعمنا للشباب وللمرأة واضح في خياراتنا وقراراتنا بعد المؤتمر العاشر وهذا دليل على اعتقادنا بأهمية تشبيب الحركة ودور المرأة الفاعل في الحزب. * ملف الأساتذة والقطاع التربوي في العموم يأخذ حيزا كبيرا من هموم التونسيين اليوم فما هو موقفك مما يحدث؟ - بكل صدق أنا أحد الذين تسألون عن حال التلاميذ أمام هذا الوضع التربوي المرتبك وأرى أن مصلحة التلميذ الفضلى هي العليا، فلا يمكن أن يكون الجانب البيداغوجي والتربوي للتلميذ محل مساومة ورغم إيماني بأن جزءا من مطالب المربين مشروعة إلا أن هناك أشكالا نضالية عديدة يمكن خوضها بعيدا عن الضرر بمصلحة التلميذ والأولياء الذين يعاني أغلبهم من وضع نفسي سيء جراء ما يحدث بين الأساتذة ووزارة الاشراف وأدعو كلا الطرفين لتعميق الحوار أكثر حتى يقع تلافي الكثير من التداعيات السلبية في هذا القطاع وأن يضع الجميع مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار.