عبر الفنان والموسيقي محمد علي كمون عن استيائه الشديد بسبب ما أسماه عدم تفاعل وزارة الشؤون الثقافية إيجابيا مع مشروعه الفني الضخم «24 عطر» بقوله: «إن عرض «24 عطر» يحتضر في غياب كلي للفاعلين في مسالك التوزيع الثقافي في تونس وخارجها. فإلى متى سنبقى ندعم الثقافة ولا نصنعها ونستوردها ولا نصدرها؟» وأضاف في تعلقيه على نفس الوضعية في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي «ربما سيذكر التاريخ أن تونس أنتجت سنة 2018 عرضا أوركستراليا بروح وسواعد تونسية، تطلب تحضيره أعواما ثم دفنته حيا». وعلل ذلك بحالة الركود التي دخل فيها هذا العمل الضخم الذي قضى أربع سنوات في التحضير له رفقة فريق من العازفين المحترفين بذلوا مجهودات كبيرة في العمل الميداني والتنقل بين كامل جهات الجمهورية التونسية لجمع المادة الفنية وانتقاء ما يمكن توظيفه في هذا العرض ويتماشى في تفاصيله وأهدافه مع هذا العرض. مبينا أيضا أن تكلفته تجاوزت 350 ألف دينار. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العرض قدِّم في مناسبتين فقط الأولى كانت في اختتام مهرجان قرطاج الدولي في دورته الماضية والثانية كانت خلال شهر نوفمبر الماضي بمدينة الثقافة في حفل لفائدة الاتحاد الأوروبي ليركن العرض للراحة وهو الذي يشارك في تنفيذه حوالي ستون عنصرا أغلبهم من عازفي الأوركسترا السمفوني التونسي وعدد آخر من خيرة العازفين في تونس من بينهم زياد الزواري فضلا عن عدد من شيوخ التراث في الجهات وهم من حفظة الموروث الشفاهي الذين تم اختيارهم للمشاركة في هذا العرض. الإشكال وبين محمد علي كمون أن أصل الإشكال في هذا المشروع يتمثل في عدم توفر إرادة سياسية لاستثمار المشاريع والأعمال الفنية الكبرى التي أنجزت بالمال العمومي على غرار هذا العمل باعتباره مدعما من وزارة الشؤون الثقافية عبر صندوق التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني. موضحا في نفس السياق: «في الحقيقة تلقينا وعدا من وزير الشؤون الثقافية بالمضي في تفعيل فكرة مشروع تعاون مع إدارة مسرح الأوبيرا بموجبه يصبح عرض «24 عطر» على ذمة سلطة الإشراف تتصرف فيه بحرية كاملة في الداخل والخارج وتعرضه في العواصم العربية وغيرها باعتباره يمثل صورة نيرة للفن التونسي. وأعددت ملفا فيه مخطط كامل وقراءة مفصلة في الغرض لكيفية استثمار هذا المشروع ليصبح مصدرا لدخول العملة الصعبة لتونس خاصة أن بلادنا كثيرا ما تستورد عروضا مماثلة من دول أخرى تدفع تكلفتها بالعملة الصعبة أيضا ولكن من سوء الحظ توقف التنفيذ». واعتبر في ركون العرض للراحة في ظل عدم توفر مسالك للتوزيع والعرض خسارة مالية كبيرة للدولة خاصة أن عامل الوقت يمكن أن يجعل العازفين والفنانين ينسون العمل مما يضطر في مرات قادمة للعودة للتمارين وما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية فضلا عن استنزاف لطاقة هؤلاء. الحلول للخروج من الأزمة كحل للخروج من هذه الأزمة، اقترح محمد علي كمون على سلطة الإشراف أن تفعل فكرة المشروع المتمثلة في تبني مسرح الأوبيرا لهذا العمل معتبرا أن القراءة التي أعدها للغرض تبدو مربحة باعتبار أن هذا الهيكل التابع لوزارة الشؤون الثقافية قادر على ضمان مسالك توزيع عملية بما يمكن الدولة من استعادة ما صرفته على هذا المشروع ومضاعفة مداخيلها منه حتى لا يكون مآله النسيان وبالتالي الاندثار في ظل عدم توفر سوق للترويج والعرض المطلوب في الداخل. وفي جانب آخر من حديثه عن هذا العرض وأفكار الحلول للعرض أفاد محدثنا أن تعطل الحوار مع وزارة الشؤون الثقافية منذ أشهر دفعه للبحث عن حلول أخرى من بينها الدخول في شراكة مع منتج خاص على غرار ما قام به سامي اللجمي في عرض «الزيارة» أو الدخول في شراكة واضحة مع القطاع الخاص بما يضمن تسويق أوسع لهذا العرض الذي اعتبره متكاملا ويستحق أن يعرض في إطار التسويق لصورة تونس الفنية والثقافية. ودعا محمد علي كمون الفاعلين في الحقل الثقافي إلى التفاعل بإيجابية مع المشاريع الثقافية بشكل عام والفنية والموسيقية بشكل خاص لاسيما في هذه المرحلة الصعبة على مستويات مختلفة وذلك من أجل دفع عجلة الإنتاج والنشاط والعمل لتتحرك من أجل تأكيد أن الثقافة بجميع مجالاتها هي مجال تنمية وتشغيل بامتياز فضلا عن إمكانية توظيف ذلك لإدخال العملة الصعبة لبلادنا دون الاكتفاء باستيراد مادة فنية أجنبية كان بالإمكان الاستغناء عنها في ظل هذه الصعوبات.