مرة أخرى تطرح مسألة التشريع الثقافي في مستوى رسمي لتتصدر قائمة «أجندا» أشغال مجلس النواب خلال هذه الفترة وتحديدا محور أنشطة ومشاغل لجنة التربية والشؤون الثقافية والبحث العلمي التي يتولى رئاستها هيكل بلقاسم باعتبارها المرجع الأول لكل ما يهم «الثقافي» من تشريعات ومسائل قانونية. يأتي ذلك بعد أن ظلت عديد مشاريع القوانين معلقة لسنوات دون الحسم فيها رغم ما شملها من تنقيحات، مما أدى إلى تعطل عديد المسائل والإجراءات ذات العلاقة بهذه القوانين لعل من أبرزها مشروع القانون بإحداث المركز الوطني للسينما والصورة وما شمله من تنقيح والذي ظل معلقا منذ جوان 2015 بعد أن أنهت اللجنة المعنية النظر في شكله وصياغته النهائية. نفس الإشكال مطروح بالنسبة لمشروع قانون يتعلق بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء الذي لا يزال في انتظار المصادقة عليه. كما هو الشأن بالنسبة لمقترح قانون يتعلق بترسيخ اللغة العربية ودعمها وتعميم استخدامها أو المبادرة التشريعية لسن قانون يتعلق بإجراءات هيكلية لدعم فرص التشغيل وإدماج الشباب في السوق المهنية المطروح منذ أكثر من سنتين. فيما يطرح اليوم على أنظار المجلس مقترح قانون يتعلق بإتمام القانون عدد 11 سنة 1988 المؤرخ في 25 فيفري 1988 المتعلق بإحداث وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بما يهدف له هذا المشروع من مزيد دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص فضلا عن دفع الاستثمار الخاص في مجال إنجاز واستغلال المشاريع العمومية بما يساهم في إنعاش النشاط الثقافي والسياحي على حد السواء. خطأ إجرائي عطل قانون الفنان والمهن الفنية لكن يظل قانون الفنان والمهن الفنية من بين المعضلات المسجلة في المسار الإصلاحي للمنظومة التشريعية الثقافية خاصة أمام الحاجة الملحة لتفعيل هذا القانون الذي يشمل في توجهه وأبعاده وأهدافه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الإبداعية كل العاملين والمنتمين للحقل الثقافي بجميع قطاعاته ومجالاته. خاصة بعد أن طالت مدة انتظارات الجميع لدخول هذا القانون حيز التفعيل. ويذكر أن التحضيرات لهذا المشروع انطلقت في فترة تولي لطيفة الأخضر لوزارة الثقافة وما وجده هذا المشروع في بدايته من دعم من الاتحاد الأوروبي لتأخذ مسارات تحضير مشروع هذا القانون أشواطا متقدمة إن لم تكن نهائية وحاسمة في النسخة الخاصة به والتي حظيت بإجماع أغلب الهياكل القطاعية والثقافية التي شاركت في صياغته في فترتي تولي كل من سنيا مبارك ومحمد زين العابدين لنفس الوزارة. ليمضي اليوم أكثر من عام على طرح مشروع هذا القانون على أنظار مجلس نواب الشعب أي في موفى شهر ديسمبر 2017 دون التوصل إلى النتيجة المرجوة. ويجدر التذكير أن موجة من الاحتجاجات شهدتها الساحة الثقافية في مطلع العام الماضي رفضا لهذا المشروع خاصة في ظل ما تضمنته بعض الفصول من جزر وإقصاء حادت بمطالب وانتظارات المنتصرين لهذا القانون على أمل أن يكون حاضنة تشريعية واجتماعية إبداعية تستجيب لمتطلبات المسار الإصلاحي. فيما أجمع أهل الثقافة على توصيف ما تضمنه هذا المشروع من فصول خلافية بإنها مداخل للعودة لبيت الطاعة ومنحى للتصحر الثقافي وتكريسا ل»شرطة ثقافية». خاصة ما تعلق بالفصل 37 المتعلق ببطاقة الاحتراف الذي ينص على ما يلي:»يعاقب بخطية تتراوح بين 1000 و5000 دينار كل من يمارس نشاطا فنيا بصفة محترفة دون الحصول على البطاقة المهنية المستوجبة قانونا وذلك بالرغم من التنبيه عليه من المصالح المختصة بوزارة الشؤون الثقافية. وكل من يمارس نشاطا فنيا بصفة محترفة دون عقد مكتوب. وكل من يعمد إلى عدم وضع طابع المساهمة الفنية على العمل الخاضع لها. في صورة العود تضاعف العقوبة». هيكل بلقاسم يوضح ويؤكد في هذا السياق أكد هيكل بلقاسم رئيس لجنة التربية والشؤون الثقافية والبحث العلمي بمجلس النواب أن تعطيل هذا المشروع لا تتحمل لجنته أو الجهة المعروض على أنظارها مسؤوليته لأن السبب هو إجرائي بالأساس والوزارة المعنية هي المسؤولة عن ذلك. وبين أن لجنته حريصة على الحسم في هذا المشروع في اقرب وقت ممكن. ووعد أن يكون جاهزا قبل موفى الثلاثي الأول من هذا العام باعتباره من أولويات المشاريع. وأوضح في نفس الإطار في حديثه ل»الصباح» أن مشروع هذا القانون وغيرها من المشاريع الأخرى كانت محور لقائه رفقة مجموعة من أعضاء هذه اللجنة منذ أيام مع وزير الشؤون الثقافية خاصة بعد مراجعة الجهات المعنية لبعض الفصول الخلافية وإعادة صياغتها على النحو الذي يجعل هذه القوانين خادمة لأهل الثقافة وممهدة لأرضية إبداع وعمل في كنف حفظ كرامة الفنان والعامل في الحقل الثقافي على حد السواء. كما أكد هيكل بلقاسم أن الحسم في هذا القانون كغيره من القوانين يرجع للجهات المهنية التي تم الاستئناس برأيها في الامر وذلك وفق آليات العمل المعتمدة في الغرض. وشدد على حرص هذه اللجنة على الحسم في هذا القانون الذي وضعته ضمن أولويات عملها في برنامج عملها خاصة بعد أن تداركت وزارة الشؤون الثقافية خطئها الإجرائي السابق وتم عرض مشروع القانون على أنظار رئاسة الحكومة لعرضه على المجلس الوزاري قبل تحويل النظر فيه والمصادقة عليه برلمانيا.