قدمت ولاية جندوبة كغيرها من ولايات الجمهورية 6شهداء 4 منهم بمعتمدية عين دراهم.. ولئن كان الاحتفال روتينيا ومملا أحيانا فانه أدخل الفرحة على نفوس الناشئة خاصة. كما جددت عائلات شهداء وجرحى الثورة مطالبتها بكشف الحقيقة لمعرفة من وجه الرصاص على فلذات أكبادهم بعد تستر طال كثيرا من ثورة جنى منها شباب تونس حرية التعبير . ولاية جندوبة تعيش مفارقات غريبة وعجيبة أحيانا فهي الغنية بثرواتها الطبيعية المتنوعة وهي الأشد فقرا وبؤسا من بين بقية الولايات، إذ تتجاوز فيها نسبة الفقر أكثر من ثلاثين بالمائة كما تصل فيها نسبة البطالة إلى 20بالمائة.. بالإضافة إلى ذلك فهي تحتل المرتبة الأولى من بين الولايات التي يتمتع سكانها بمنح العائلات المعوزة إلى جانب تفشي ظاهرة المساكن البدائية خاصة بالشريط الحدودي وانعدام المرافق الأساسية من ماء صالح للشراب وكهرباء ومسالك فلاحية،كما أنّ ولاية جندوبة بها أكبر عدد من مراكز تعليم الإكبار في ظل تفشي الأمية خاصة بالوسط الريفي. هذه الأوضاع الاجتماعية الصعبة حولت الجهة إلى مرتع خصب للمساعدات والإعانات خاصة خلال المحطات السياسية مثل الحملات الانتخابية. ويتجلى البؤس بهذه الربوع في جحافل المعينات المنزلية اللواتي ينقطعن مبكرا عن الدراسة ويتوجهن للعمل ببعض الولايات ويتعرضن لأبشع المعاملات وأشارت بعض التقارير الى تفشي ظاهرة الاتجار بالبشر بولاية جندوبة لمجابهة غلاء المعيشة. وألقت هذه الأوضاع بظلالها على حياة المواطن بعد تسجيل حالات وفاة ناتجة عن عجز العائلات على مواجهة نزلات البرد والأمراض المزمنة مثلما ما جد بمنطقة أولاد خميسة الحدودية بالإضافة إلى انتشار عدة أمراض في الوسط المدرسي كالبوصفير. وكان يأمل أهالي جندوبة أن يتحسن الوضع التنموي بالجهة من خلال بعث المشاريع بالمناطق الصناعية التي تحولت إلى أماكن مهجورة وجلب الاستثمار للجهة خاصة وأن جميع الإمكانيات متاحة لبعث مشاريع من شأنها أن تضع حدا لتنامي ظاهرة البطالة،إلا أن الأوضاع تأزمت من خلال غلق بعض الوحدات الصناعية كمصنع الفطر بعين دراهم وغلق العديد من الوحدات الفندقية بطبرقة وتجميد نشاط المطار ،كما أن العديد من المشاريع لازالت معطلة إلى حد الآن مثل المنطقة السياحية بفج الأطلال وغيرها من المشاريع الأخرى بمختلف معتمديات الولاية خاصة تلك المتعلقة بالمنشآت العمومية والبنية التحتية. هذا الوضع عجل أيضا بنزوح الآلاف من الشباب إلى المدن لتتحول العديد من المناطق إلى أطلال تحكي أوضاعا أشبه بالكارثة لعائلات تشارك الحيوان في المسكن والماء وفي كل شيء..ما أثار مخاوف الجهات الأمنية من أن تتحول هذه المناطق إلى ملجإ للارهابين لما لها من أهمية لمدلول السيطرة على الأرض. ولاية جندوبة طالها التهميش لأكثر من ستين سنة وعلى الدولة أن تتحمل مسؤولياتها وتسعى إلى جعل الولايات الداخلية أقطابا صناعية وسياحية وفلاحية في ظل غلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية خاصة وأن الإمكانيات والموارد الطبيعية متوفرة إلا أن الإرادة السياسية تطرح أكثر من سؤال تجاه ولايات قدرها أن تقدم الشهداء وتجني البلاء....