تقلص عجز الميزان التجاري خلال 2018 بحوالي 12 مليار دينار وذلك لعديد الأسباب أهمها ما سجله الميزان التجاري الغذائي من تحسن ملحوظ في نسبة تغطية الواردات بالصادرات حيث بلغت 90.7 % مقابل 70.9 % خلال 2017. بالإمكان تسجيل فائض.. لكن! وكان من الممكن ان يحقق الميزان التجاري الغذائي فائضا لولا ما عرفته تونس من ازمة في قطاع إنتاج الحليب واللحوم الحمراء وحتى البيضاء. حيث وجدت وزارة التجارة، وفي ظل النقص المسجل في مادة الحليب، نفسها أمام ضرورة توريد 10 مليون لتر من الحليب لتعديل السوق ليترفع حجم توريد الحليب ومشتقاته ب43 % بالإضافة إلى ارتفاع قيمة شراءات اللحوم الحمراء بنسب 123 % بهدف المساهمة في تعديل مستوى العرض بالسوق المحلية. وبالنظر لهذه الظروف بلغت قيمة الواردات الغذائية خلال سنة 2018 ما يناهز 5386.8 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بنسبة15.7 % مقارنة ب2017، بفعل مواصلة تدني سعر صرف قيمة الدينار مقارنة بأهم العملات الأجنبية وتطور قيمة واردات بعض المواد الغذائية الأساسية على خلفية تطور أسعارها العالمية. كما ارتفع سعر القمح الصلب خلال السنة الفارطة ب21 % والقمح اللين ب28 % والشعير 52 % في المقابل سجلت مواد غذائية أخرى تراجعا في قيمة شراءاتها خلال هذه الفترة على غرار مادة الذرة الصفراء والزيوت النباتية بنسب على التوالي 16 % و24 % بفعل تقلص الكميات المورّدة، إضافة إلى تقلص توريد مادة السكر ب10% وأيضا نتيجة تراجع الأسعار بنسبة 13 %. وكانت بلادنا قادرة على تحقيق فائضا في الميزان التجاري الغذائي لولا المشاكل التي عرفها قطاع الحليب الذي يعرف تقلصا من حيث قطيع الابقار جراء عمليات تهريبه الى الدول المجاورة، والى ارتفاع كلفة الانتاج مما حدا بالمربين، الى التخلي عن قطعانهم ويعد أهل القطاع قرار توريد الحليب «غير مجد» وتونس «لا تحتاج الى توريد هذه المادة خاصة وان تونس قادرة على تحقيق اكتفائها الذاتي من هذه المادة لا سيما أنها توجه فائض الإنتاج نحو التوريد إذ ناهز حجم التصدير خلال السنوات الفارطة 20 مليون لتر وهو نصف ما تم توريده خلال 2018، وطالب أهل القطاع الحكومة بضخ تمويلات لتغذية حلقة الانتاج والتصنيع بدل توجيهها للتوريد. قطاع اللحوم الحمراء بدوره يعاني من عدة صعوبات تتلخص في تنامي تهريب القطيع وتفشي بعض الأمراض وغياب الرقابة ما دفع بالفاعلين في القطاع إلى إطلاق صيحة فزع مطالبين بحماية القطاع ودعمه والحد من التوريد الذي يعد ضربا لمنظومة الإنتاج. وتجدر الإشارة الى أن قيمة الواردات الغذائية خلال سنة 2018 قد مثلت نسبة 9 % من إجمالي الواردات. تطور ملحوظ للصادرات وسجل الميزان التجاري الغذائي سنة 2018 تحسنا ملحوظا من حيث قيمة الصادرات الغذائية بنسق فاق قيمة الواردات، مما أدى إلى تقلص العجز التجاري الغذائي بنسبة 63 % وبحجم 501 مليون دينار مقابل 1354.6 مليون دينار خلال 2017 وقد بلغت صادرات المواد الغذائية خلال سنة 2018 ما يقارب 4886 م د مسجلة نموا ب48.1 % مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2017، وذلك نتيجة تضاعف صادرات زيت الزيتون من حيث الكمية 229.4 ألف طن مقابل 102.8 ألف طن في 2017 مع بلوغ مستوى قياسي في العائدات ب2125 مليون دينار مقابل 1009.4 مليون دينار السنة الفارطة، بالإضافة إلى تطور عائدات منتجات البحر الطازجة والتمور بنسب على التوالي 30 % و33 % هذا علاوة على تحسن قيمة مبيعات الخضر الطازجة بنسبة 32 % لتبلغ 176 مليون دينار منها 45 % طماطم طازجة وارتفاع قيمة صادرات القوارص ب7 % ومصبرات الأسماك ومحضرات الخضر والغلال بنسب على التوالي 46 % و13 %. مع العلم أنه وحتى بدون اعتبار مداخيل عائدات زيت الزيتون خلال سنة 2018 تكون قيمة الصادرات الغذائية قد سجلت نموا ب21 %. وبالنسبة لقطاع الغلال الصيفية فقد تم خلال سنة 2018 تصدير حوالي 36 ألف طن بقيمة 87 مليون دينار مسجلا نموا ب45 % من حيث الكمية و50 % من حيث القيمة مقارنة بسنة 2017. موسم فلاحي واعد وبعد نزول الغيث النافع ما ينبئ بموسم فلاحي واعد فإن بلادنا قادرة على تحقيق اكتفائها الذاتي من المنتوجات الفلاحية بمختلف أنواعها خاصة إذا ما قام الجانب الحكومي لا سيما سلطة الاشراف بالدور الملقى على عاتقها وهو دعم منظومة الإنتاج لكل القطاعات بما فيها إنتاج الحليب واللحوم والحمراء والبيضاء وأيضا مراقبة مسالك التوزيع ومحاربة الاحتكار وإيقاف التهريب خاصة تهريب قطيع الأبقار.