وصف رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس "كلفة الاضراب العام الذي نفذه الاتحاد العام التونسي للشغل" أول أمس بأنها "كانت باهضة جدا على الاقتصاد التونسي في وقت تحتاج فيه البلاد لمزيد العمل والإنتاج". وأضاف الشاهد في تصريح اعلامي خلال زيارته الى معمل "ساجام كوم" ببن عروس ان "الحكومة لا تتعامل مع شريكها الاجتماعي الاتحاد العام التونسي للشغل بمنطق الغالب والمغلوب، معتبرا ان "الطرف الذي انتصر بالأمس هي الديمقراطية التونسية وان الإضراب شكل من أشكال التعبير في الأنظمة الديمقراطية". وفي نفس السياق أكد رئيس الحكومة ان الحوار يبقى أساس الحل وأنه لن ينقطع مع الشريك الاجتماعي، معلنا أنه كلف الفريق الحكومي المفاوض للالتقاء بممثلين عن اتحاد الشغل في اطار جلسة تفاوض الأسبوع القادم لمواصلة الحوار ومحاولة الخروج بحلول للأزمة الراهنة. بأتي ذلك فيما حذر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أمس من عدم تحقيق اهم مطالب التحركات الاجتماعية، التي انطلقت منذ احداث الحوض المنجمي ثم خلال ثورة 17 ديسمبر 2010 / 14 جانفي 2011، والمتمثلة اساسا في العدالة الاجتماعية. وقال رئيس المنتدى مسعودي الرمضاني، خلال ندوة نظمها المنتدى بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة بالتعاون مع منظمة "فريدريك ايبارت" بعنوان "ثورات الشعوب زمن النيوليبرالية: النجاحات والانتكاسات والبدائل"، "ان الثورة التونسية لا تزال منقوصة باعتبارها لم تحقق الى اليوم اهم مطالبها وهي العدالة الاجتماعية". وأشار الى ان عدم اكتمال الثورة ادى الى تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية منبها الى ان غياب العدالة الاجتماعية قد يكون سببا في دفع البلاد الى منعرج "خطير" تعم فيه الفوضى وهو ما قد يهدد بعض المكاسب على غرار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وفق تعبيره. ودعا في هذا السياق الى ضرورة ايجاد الحلول الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية واستعاب شعارات الثورة التي اندلعت من المناطق الداخلية وتحديد الاولويات والجلوس مع مختلف الاطراف الفاعلة بالبلاد لتحقيق ولو جزء بسيط من مطالب المحتجين من كرامة وتنمية اجتماعية عادلة. واضاف ان التحركات الاحتجاجية التي انطلقت في تونس منذ احداث الحوض المنجمي سنة 2008 لم يكن الفاعل الرئيسي فيها لا الاحزاب السياسية ولا النقابات المهنية او منظمات المجتمع المدني وانما عدد من افراد الشعب "المضطهد" الداعين الى تحقيق التنمية والتشغيل والتوازن الجهوي مؤكدا انها "ثورة دون نخب " خصوصا وان الشعارات التي رفعت خلال مختلف مراحل التحركات الاحتجاجية تعلقت بالعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية والديمقراطية وابرز ان الثورة لم تكن غايتها الاساسية تغيير الانظمة وانما الضغط على هذه الانظمة من اجل ارساء بدائل وتحقيق التقدم في مجال حقوق الانسان والعدالة الانتقالية مؤكدا ان هذه التحركات الاجتماعية تواصلت الى ما بعد الثورة بسنوات خصوصا وان اهم مطالبها المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي لم تتحقق بل اكثر من ذلك فان هذا المنوال التنموي تواصل الى حد اليوم بنفس المشاكل والصعوبات والمعوقات. من جهته بين الكاتب شكري المبخوت في مداخلة بعنوان" الثورة التونسية: القطيعة والتواصل" ان المطالب التي رفعها المحتجون خلال هذه الثورة من شغل وحرية وكرامة وطنية لم تتجسد في الواقع الا على نحو جزئي يتعلق بالبنية السياسية وهو ما اى الى توسع الشعور بالخيبة لدى عموم افراد الشعب. واشار الكاتب والمفكر آصف بيات في مداخلة بعنوان "الربيع العربي:ثورات زمن النيوليبرالية" ان الانتفاضات العربية بعثت بتفاؤل غير مسبوق حول امكانية تحقيق الديمقراطية والتنمية في العالم العربي مبرزا ان هذا الشعور سرعان ما تحول الى تشاؤم واحباط حول مسارات هذه الانتفاضات. وقال ان ما حدث في تونس ومصر واليمن لم تكن ثورات "راديكالية" كالتي حدثت في القرن العشرين في كل من ايران ونكيارغوا سنة 1979، وانما ما حدث في هذه البلدان الثلاث هي "اصلاحات ثورية" اي انها لم تكن الا طريقة لاجبار الانظمة القائمة على اصلاح الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتمسك بالديمقراطية وارساء الحريات.